التحرر من الفيسبوك

السلام عليكم

منذ بداية سماعي عن الفيسبوك لم أهتم به كثيراً وظنيت أنه موقع بلاهدف. لكن بعد الثورات العربية، قررت أن أدخل عالم الفيسبوك لأرى ماهو هذا الفيسبوك، لكن إلى اﻵن لم أستطع رؤية شيء، كأنك ترى دُخان ثم تذهب إليه لترى أين مصدره، فتدخل وتخرج من الطرف الثاني دون أن ترى شيئاً، وكما يقول المثل “سماعك بالمعيدي خيرٌ من أن تراه”

قررت قبل فترة أن أقوم بإغلاق الحساب، فأخبرني الفيسبوك أن فلان سوف يفتقدك، وفلان وفلان، ثم سألني عن السبب، فإخترت اﻹغلاق مؤقتاً حتى لا تكثر اﻷسألة. وفي النهاية طلب مني إدخال كلمة المرور، فلم أكن أتذكرها. فقلت مادام أني نسيت كلمة المرور، يمكنني فقط أن أقوم بتسجيل الخروج، وبذا أكون قد فارقت الفيسبوك. فقمت بتسجيل الخروج. لكن بعد فترة عندما أردت عمل دعاية لبرنامج  في صفحة الوسيط للإعلانات في الفيسبوك إحتجت لإسترجاع كلمة المرور لكتابة اﻹعلان. ومنذ ذك الحين رجعت لإستخدام الفيسبوك.

فكرت بعدها عدة مرات في تركه لأني لم استفد منه أي شيء سوى حاجتي لعمل إعلان في صفحات الدعايات، لكن حتى هذه اﻹعلانات لم استفد منها فعلياً. فأصبحت بين أن اترك الفيسبوك وأترك الصفحات التي ربما إحتاج إليها في المستقبل للدعاية وبين أن ارتاح من الفيسبوك وإزعاجه. كل مرة الفيسبوك يُرسل رسالة، فلان صادق فلان أو فلانة، وفلان أعجبه تعليق فلان أو أعجبه تغيير حالته، أسلوب رخيص جداً لإقناعك بالدخول للفيسبوك.

هذا اليوم وجدت حل يجمع بين محاسن اﻹثنين، وهو برفع درجة الخصوصية إلى أعلى درجة، وأن أخرج من كل المجموعات وأحذف جميع اﻷصدقاء. ويستخدم الفيسبوك عبارة كاذبة في هذا الخصوص وهي unfriend واﻷفضل أن تكون unsubscribe حيث أن حذف صديق من الفيسبوك لايعني أن يصبح غير صديقك، الناس غير محتاجين للفيسبوك حتى يكونو أصدقاء، بل هي صداقة وهمية، والصداقة الحقيقية أن يكون لك أصدقاء حقيقيين تلاقيهم وترتبط بهم وتُكلف نفسك في اﻹتصال بهم. وهذه العبارة الخادعة unfriend مشابهة لثقافة الإعجاب like الخادعة والجاهلة التي ساهم في نشرها الفيسبوك، مثل أن يقوم أحدهم بكتابة حديث مكذوب ثم يقول من لم يضغط لايك فهو لايحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو انشر ولك اﻷجر، أو نحو هذا من الكلام النابت عن الجهل والفراغ. إن شاء الله هذا حل مؤقت إلى أن أقوم بحذف حسابي أو تعطيله نهائياً من الفيسبوك.

بعض الناس يكتبون مواضع ذات فائدة في الفيسبوك، لكن للأسف هذه المواضيع لاتصل لكثير من الناس، فقط للأصدقاء، والمواضيع مرتبطة بالزمن، فالموضوع الجديد فقط يظهر لفترة زمنية محددة ثم يبدأ باﻹختفاء، واﻷسواء من ذلك هو أن هذه المواضيع لايستطيع قراءتها واﻹستفادة منها إلا من كان لديه حساب في الفيسبوك.

اﻷفضل من ذلك هو التدوين، حيث أن التدوينة أو الموضوع الذي تتم كتابته يكون موجود لفترة طويلة، سنة، سنتين أو عشر سنين، وهو يكون متاح لكل الناس، فقط يبحث اﻹنسان عن مشكلة أو معلومة فيجد كل الصفحات التي تتكلم عن هذا الموضوع وتكون نتائج البحث متضمة المدونات، بل تكون المدونات أحياناً هي في بدايةقائمة نتائج البحث، خصوصاً إذا كان عنوان التدوينة مشابهة للجملة التي بحثت عنها. لذلك فإن المواضيع المكتوبة في المدونات تظل لفترة أكبر ويستفيد منها عدد أكبر من الناس دون أن تجبرهم مثلاً أن يكون لديهم حساب في موقع المدونة. وبذا نكون قد أثرينا المحتوى العربي في اﻹنترنت.

رأيي اﻵن أن الفيسبوك هو أسوأ من الوظيفة، لكن هذه اﻷخيرة لها يوم إن شاء الله.

الكاتب: أبو إياس

مهندس برمجيات

10 رأي حول “التحرر من الفيسبوك”

  1. مقال جميل أخ ابو اياس ولكن اسمح لي ان اختلف معك في تحديد الصداقات الحقيقة والوهمية، أو بصورة اشمل العلاقات الإجتماعية الحقيقة وغير الحقيقة ، اعتقد انه لا يوجد تعريف ثابت للتمييز بين الأثنين ولن يستطيع أحد يميز بينهما بمعزل عن البيئة والظروف المحيطة،ربما أن ما اصطلحنا على تسميته بالعلاقات الإجتماعية الطبيعية كان نتيجة لظروف تاريخية وموضوعية تتعلق بالتطور الطبيعي للبشر وترتبط بالوسائل المتوفرة في كل حقبة من الزمن ، ولكن ربما أن ذلك التعريف اصبح مسلما به لتطاول عصره من الوقت الذي لم يكن البشر يستطيعيون التواصل الى عبر الإنتقال الفيزيائي وادوات التواصل المباشرة وهذا طبعا مفهوم ولكن لا يبرر أن تعرف العلاقات والتواصل الى الأبد بتلك الصورة،وعندما نقارن زمنيا بين الفترة التي كان البشر يتواصلون بها فيزيائيا وهذه قد تمتد لما يزيد عن مليون سنة حسب الحفريات المتوفرة وبين عصر وسائل الإتصال الحديثة التي لم تمكث الا بضع عشرات من السنين يصبح جليا لماذا اصبحت تلك الصورة العتيقة من التواصل الإجتماعي توسم خطأ بالطبيعية وربما انها قد اكتسبت بعض القدسية في اعراف البشر.

  2. السلام عليكم أخي محمد شمباتي.
    بالنسبة للصداقة الوهمية لا أقصد بها الصداقة عن بعد، فلي عدد من الأصدقاء أتواصل معهم بوسائط الإتصال المختلفة يكونون أقرب لي حتى من الأصدقاء المقربون هنا في السودان. لكن أقصد بها أن يكون لديك أناس يقومون بإضافتك في الفيسبوك ولا يوجد أي رابط روحي معهم، إنما إفترضت عليك صداقتهم بواقع أنهم كانوا زملائك في الدراسة مثلاً، أو أنهم أصدقاء أصدقائك، أو أنهم من الأقرباء. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “الأرواح جنود مجندة، ماتعارف منها إئتلف وماتناكر منها اختلف”
    بالنسبة لي لا استطيع أن أصادق صداقة حقيقة إلا من وجدت أني مشابه له في الطباع والأفكار.

  3. كلامك صحيح ولكن حتى في الواقع هناك ظروف تفرض عليك التعامل مع اشخاص لم تختارهم بنفسك مثل اقربائك واصدقاء اقربائك ومن تلتقي بهم في المناسبات الإجتماعية المختلفة و زملاء العمل والدراسة والصدفة والشارع في بعض الأحيان، وفي مجالات الحياة المختلفة ، وهذا يشكل مصدرك الرئيسي لتجد من تتشابه معه في الأفكار والطباع ، ولكن تظل تلك المصادر محدودة ومقيدة ببعض العوائق المكانية والزمانية وبعض الأعراف والعادات ، ما ميز الفيس بوك انه قد وسع مصادرك للعلاقات الجديدة وازال الكثير من الحواجز الزمانية والمكانية وتجاوز بعض الأعراف اي انه وسع مجالات اخيارك للصداقات ولكن يظل السؤال هل تعتقد أن يمكن التعرف على الطباع والأفكار عبر وسائل الإتصال الحديثة مادامت هي معيارك لقبول الصداقة ام انك تشترط أن تلتقي بالشخص الجديد فيس تو فيس وليس فيسبوكيا؟

  4. ليس بالضرورة أن ألتقي بأصدقائي وجهاً لوجه. لكن إكتساب المعارف عن طريق مشروع في النت، أو موقع أو مدونة هي ماتجعني أكتسب الأصدقاء وإختيارهم. وصادف أن عدد من أصدقائي لايحبون الفيسبوك 🙂
    توجد طرق أخرى أُفضها وهي:
    المدنونات، skype، IRC وغيرها من الأدوات الأكثر profisional ليس فيها هذا أعجب بهذا، وهذا علق على تعليق هذا، وليست مسرح لكل من هب ودب. حيث تكون فيها خصوصية أكبر.
    من الأشياء التي لا أفضلها أيضاً في التواصل هي مواقع المنتديات العربية المليئة بالـ مشكووووور، والمنقول والتي تتطلب التسجيل حتى تقرأ المواضيع المنقولة وتعليقات مشكور عليها.

  5. الغريب في بداية ظهور الفيس بوك اتصل بي الكثير من الأقرباء والأصدقاء يسألونني ما هو هذا الفيس بوك وهل تعتقد انه مفيد ، وذلك بإعتبار انهم يثقون في معلوماتي فيما يتعلق بالكمبيوتر والإنترنت وقد اجبتهم بحسم وثقة : اياكم وهذا الفيس بوك فأنه مضيعة للوقت اي مضيعة وهدر للخصوصية اي هدر ، وانا لا استعمله ولن استعمله ، الغريب انه بعد فترة قصيرة جميعهم دخلوا الفيس بوك وكانوا من المشاركين النشطين جدا والأغرب انني لحقت بهم بعد فترة قصيرة وحتى انني انشاءت عدد من المجموعات ، عندها ادركت انه كان عليهم أن يستشيروا خبيرا اجتماعيا وليس خبير كمبيوتر!!!

  6. صحيح، فالمبرمج آخر من تسأله في النواحي الإجتماعية. الكمبيوتر والبرمجة عموماً تجعل الإنسان منعزل إجتماعياً.
    لكن الموازنة تكون صعبة، هل أنعزل من المجتمع حولي لعمل برامج وكتابة كُتب تفيد العالم، أم أنفتح على الناس وأصبح قليل الفائدة للعالم لكن كثير الفائدة للمجتمع حولي

  7. اعتقد انه على مر تاريخ الإنسانية الأشخاص المنعزلون كانوا اكثر فائدة للمجتمع (المخترعون والعلماء والشعراء والأدباء وحتى الأنبياء والرسل في فترة ما قبل الرسالة) طبعا هذا بشرط أن يكون لدى العالم او الشخص المنعزل رسالة او هدف سامي ،جميع اولئك كان لديهم ادوار خالدة استفاد منها البشر والمجتمع الى الأبد رغم ان تصرفهم الإنعزالي كان مستهجنا من جميع المجتمع وهذا طبيعي وكان عليهم ان يقاوموا هذا الإحساس لتحقيق اهدافهم السامية ،اعتقد أن الشخص المنعزل ذو الرسالة اقدر على افادة المجتمع من ناحيتين ، اولا مقارنة بوضعه كشخص مندمج في المجتمع فإنه سوف يقوم بأدوار مرحلية ومؤقتة ويمكن لأي شخص آخر أن يقوم بها وفي الغالب فإنه يقوم بهذا الدور وفقا لقوالب جاهزة ومعروفة ولكنها فعالة وقد تكون بوسائل وطرق ساهم في ابتكارها شخص واحد من المنعزلين القدامى،ثانيا وهذا هو الأهم انك لن تستطيع قراءة المجتمع وفهمه وانت داخله ومندمج فيه ومسلم بكل افكاره ، الإنعزال يتيح لك رؤية المجتمع من الخارج بصورة موضوعية ومحايدة وغير متأثرة بكثير من المسلمات الغير قابلة للنقاش وينمي لديك مقدرة النقد البناء والتفكير العلمي في مشاكل المجتمع، الا ان المجتمع لا يحتاج لكثير من الأشخاص المنعزلين والمبدعين فالقليل منهم يكفي ، ولكنه يحتاج لكثير من الأشخاص النمطيين لتحقيق و إتباع الوسائل والطرق المبتكرة كما هي ودون مناقشة او نقد يعطل حركة المجتمع،هذا رأي الخاص

  8. هذا الموضوع يحتاج الكلام عنه في تدوينة خاصة. هو موضوع مهم. والإنعزال هذا لايحدث فقط للشخص، بل حتى عائلته تتأثر به، وتصبح منعزلة مثله. وأحياناً ينعزل الشخص عن عائلته الصغيرة نفسها.

  9. اتفق معك تماماً في ما قلت. عن نفسي من الذين استخدمو فيسبوك في بداية انطلاقة، ولأكون منصف كان وقتها شيء ممتاز ويساعدني على ربطي بالناس البعيدين عني (مدينة او بلد اخر)، ومع هذا لا كنت اطيل التصفح فيه او الدخول باستمرار فبالكاد ادخل لمدة 5 دقائق لارى الجديد وقد اكتب بعض التعليقات لهذا وذاك واخرج ولست من محبي التفاعل مع الصفحات والجروبات.

    هذا الحال لم يدم كثيراً فبعد منتصف 2011 اصبح فيسبوك مزدحم جداً وتجد عقليات عجيبة (جماعة ان لم تعلق او تضغط اعجاب اعلم ان الشيطان منعك…الخ)، الغريب ان حتى من كانو يستخدمون فيسبوك باحترافية اصبحوا يميلون لهذه الممارسات وعلى اساس ان هذا هو التفاعل الاجتماعي الصحيح لدرجة اني كتبت مدونة مماثلة عن الامر http://albazy.com/2087

    انا من الذين يشجعون على التدوين بمدونة خاصة وليس على موقع اجتماعي مهمى كان تويتر، فيسبوك وخلافة، لان التدوين ليس نشر افكار وشروحات وانتهى الامر على ذلك، بل يساعد كثيراً على تفتح العقل على اساليب جديدة في الحوار وفن التخاطب وايصال المعلومة.

  10. مرحباً بك أخي مصطفى.
    ويبدو أن شبكة فيسبوك هي عبارة عن فقاعة كبيرة مايلبث الناس أن ينتبهوا لها. نتوقع أن تنهار في يوم من الأيام.

اترك رداً على أبو إياس إلغاء الرد