وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ

patient

السلام عليكم

تعرضت قبل ثلاث أسابيع لصداع نصفي شديد لم يسبق لي أن مررت به من قبل، وكان بسبب الإرهاق الشديد والعمل المتواصل في يوم الخميس والجمعة بدون أخذ حتى قيلولة في اليوم الذي سبق هذا الصُداع. وقد قُمت بعمل فحوصات كثيرة جداً أول مرة أقوم بها، فأول مرة أقوم بفحص نسبة الهميقلوبين في الدم، وقد بلغ عدد الفحوصات حوالي 5 أو 6 مرات. وكلها كانت سلبية، عدا مرة ظهرت نسبة عالية لكريات الدم البيضاء زالت بفضل الله بعد تناول المضاد الحيوي لمدة خمس أيام، ثم قُمت بتناول كورس Cipro ثم كورس ملارياً، مع أنها لم تظهر في الدم، وكانت قمة مرضي وقمة الصُداع بعد تناول حبوب الملاريا هذه، مع أني قُمت بفحص الملاريا ثلاث مرات لكنها لم تظهر. وتناولت حبوب للصداع المسمى (الشقيقة) ولم يتوقف الصداع النصفي، وفي النهاية توقفت عن أخذ كل الأدوية وزاد إيماني بأن الشفاء من الله، وتوقفت عن الذهاب لعيادات الأطباء والحمد لله زال الصُداع، وقد أخبرني الطبيب أن هذا الصُداع هو إسمه صداع عنقودي وليس الشقيقة، فكل واحد له شكل مختلف. ولم أواصل في العلاج والفحوصات أو حتى الأدوية المقترحة حيث أن هذه الأنواع من الأدوية يتم علاجها بالتجارب كما أخبرني أحد الأصدقاء المصاب بصداع الشقيقة، نسأل الله أن يشفيه.

في الحقيقة أنا من الناس الذين لايحبون الذهاب للأطباء ولا الإنتظار في عياداتهم، حيث يمكن أن تنتظر ساعة أو أكثر ليُقابلك الطبيب لمدة دقيقتين لا أكثر ولا يسمع منك إلا قليل جداً من الأعراض وسيرة المرض، بل حتى لا ينظر إليك ويبدأ بكتابة الوصفة الطبية مجرد أن قلت له أول عرض للمرض كأنه Google auto completion. والأطباء في السودان لهم منزلة  وقدسية كبيرة عند كثير من الناس خصوصاً البسطاء منهم ويحبون المذلة والإنتظار فوقتهم ليس من ذهب، لكن الحمد لله لست منهم، وأرى أن الشفاء بيد الله، وكما يقول الله تعالى “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” لذلك لا أتعلق أبداً بالشفاء من الطبيب أو الدواء، ولم أذهب لطبيب قبل هذه المرة إلا قبل أكثر من عشر سنين ، وقد تم جري جراً لأن أذهب إليهم (الطبيب الأخير والذي قبله) مع أني أمرض كثيراً وأتعالج بسرعة ولله الحمد والمنة. وبالنسبة لأولادي أذهب بهم للأطباء الذين ليس في عياداتهم زحمة والغير مشهورين والمتواضعين والأقل تكلفة. فمن تواضع لله رفعه، فأنا أبغض الأطباء المتكبرين كل البغض. وهذه الطريقة التي أنتهجها ربما تكون كبيرة عند بعض الناس ونهج مرفوض عند العوام عندنا في السودان، حيث يعتبر العوام الطبيب ناجح عندما تكون مقابلته مكلفة جداً (أكثر من 20 دولار) وعيادته مزدحمة ولا يستطيع المريض الحجز عنده إلا بوقت طويل وبصعوبة وأحياناً بواسطة شخص يعرف هذا الطبيب. أما بالنسبة لي فأرى أن المرض هو إبتلاء وماعلى الإنسان إلا الصبر وترك المعاصي، يقول تعالى “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ” وعندما توقن بهذا يخف عنك الألم وتصبح أكثر صبراً بل وتحتسب بأنه كفارة وخير لك.

وكان عندما يشتد علي الصُداع أذكر الموت، ثم أذكر الدَين والصلاة، وكُنت أوصي زوجتي بهذا الدَين، حيث أن تأسيس عمل خاص يُصاحبه منصرفات من غير أرباح في العام الأول ينتج عنها دين في النهاية. ولم أتذكر شيء آخر غيرهما، فأوصيكم بسرعة أداء الدين والصلاة في المسجد. وكانت هذه فترة ثلاث أسابيع مراجعة لطريقة العمل حيث أن الشخص يحتاج لراحة وتحميل النفس عمل فوق طاقتها والإستعجال يكون ناتجه المرض والتأخر عن العمل، كما يقول المثل “رب عجلة وهبت ريثاً”

ومنذ أن تركت الوظيفة التحقت بعدة أعمال ولجان وليست كُلها مجدية وفيها حركة وتنقل وبحث ودراسة وإجتماعات بدون فائدة مادية، ومرة حدث لي حادث بالسيارة عند الإنتقال من إجتماع إلى إجتماع آخر. ففكرت أن أقوم بالإعتذار والتقليل من هذا العمل وإسناد بعض الأعمال لمن يعملون معي حتى لو أنجزوه بطريقة لا أرضاها. حيث كُنت أصر على أن يتم إنجاز العمل بإشراف مُباشر وتدقيق شديد. وكانت بداية العام الجديد مزدحمة بالعمل مثل إغلاق السنة المالية لمؤسسة تعمل بنظام تسجيل والجلوس مع المراجعين وعمل إضافات جديدة لتسهيل إغلاق العام المالي، ونقاشات ومغالطات، ومؤسسة أخرى تريد العمل بالنظام من السنة الجديدة، وغيرها من الأشياء المتشابكة والمرهقة للذهن، وكان طبعي هو كثرة المجاملة والإلتزام بما بدأته من عمل حتى لو لم يلتزم الطرف الآخر بما عليه، ومما زاد الطين بلة هو أني في الأسبوع الأول للمرض لم أتوقف عن العمل والإجتماعات. وفي فترة الإسبوع الأخير للنقاهة قُمت بالتفكير في طرق جديدة وخطة جديدة للعمل بحزم وبدون مجاملات حتى لايكون هناك إرهاق بدون فائدة.

الكاتب: أبو إياس

مهندس برمجيات

8 رأي حول “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ”

  1. الحمد لله على السلامة، كنت سأرسل لك وصفة الزهورات ولكني فضلت الدعاء لك (أرخص)، و ارجو ان لا يعاودك المرض مرة اخرى.
    و اعتقد انها متزامنة مع كثرة العمل لديك.

    أما عن الاطباء للأسف هذا هو الحال عندنا و الذي شجعهم هو سذاجة المرضى، إذ يعتبر الطبيب الذي يهين المريض هو طبيب ذكي و فهمان، وقد اعتادوا على ذلك.

  2. الحمد لله على السلامة.
    Cluster headache is probably the worst pain that humans experience
    الجملة السابقة من من مقالة ويكبيديا ، ربنا يرزقك الصحة و العافية.

  3. الله يسلمكم
    في الحقيقة كُسرت يدي عندما كُنت صغير (15 سنة) لكن ألم كسر اليد لم يكن مثل ألم هذا الصُداع الذي جائني في هذه اﻷيام، نسأل الله أن لا يُريكم إياه. لكن أهم ميزاته أنه لا يستمر طويلاً، يعني من 15 دقيقة إلى ساعة على اﻷكثر.

  4. دعوت لك يا أبا إياس ولمرضى المسلمين أجمعين..

    عن عثمانَ بنِ أبي العاصِ الثَّقفيِّ ؛ أنه شكا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجعًا ، يجدُه في جسدِه منذ أسلمَ . فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ”

    ضَعْ يدَك على الذي تألَّم من جسدِك . وقلْ : باسم اللهِ ، ثلاثًا . وقل ، سبعَ مراتٍ : أعوذُ باللهِ وقدرتِه من شرِّ ما أجدُ وأُحاذِرُ ” .

    الراوي: نافع بن جبير المحدث:مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2203

  5. حمداً لله علي السلامة 🙂
    لعله خير بتخفيف الذنوب بإذن الله تعالي، في الأيام التالية حاول تخفيف الضغط علي نفسك قدر الإمكان، و حاول الخروج مع الأهل إلي متنزهاتٍ عامةٍ في أيام الإجازة؛ فالترويح عن النفس مع الأهل له مفعول السحر.

اترك رداً على أبو إياس إلغاء الرد