السلام عليكم ورحمة الله
اليوم هو الانقلاب الربيعي (20 مارس) ، وهو موسم مناسب للزراعة، لذلك وقّت لكتابة هذه المقالة مع هذا التاريخ وهذا اليوم بالذات.
عند إغلاق المدارس في العام الماضي بسبب جائحة كورونا في نفس هذا التوقيت تقريباً بدأ أبنائي مشروع ونشاط في بداية هذه اﻹجازة الطويلة، وهو حوض زراعة في حوش البيت لتجربة زراعة خضروات، وقد حفروا حوض صغير في شكل مربع طول ضلعه متر ونصف، ومع أنه ضيّق مساحة الحوش وشوهه إلى حد ما، إلا أن الفائدة كانت كبيرة جداً من هذا المشروع الزراعي الذي تعلموا منه الكثير وشاركناهم جميعاً في هذه الهواية العملية والعلمية المفيدة والممتعة.
بعد حفر تلك المساحة الصغيرة، اشتريت لهم سماد عضوي لتسميد اﻷرض لأنها غير زراعية، ثم بعد فترة رأيت أن أشتري تربة زراعية، وعندنا في السودان التُربة الزراعية تُجلب من ضفاف النيل وهي ترسبات لتربة طينية غنية بالمعادن تأتي من الهضبة اﻷثيوبية في كل عام مع موسم الفيضان، نُسميه في السودان “طين البحر” والبحر هو نهر النيل.
بعد حفر ذلك الحوض عرشناه بغطاء مخصص للبيوت المحمية -للأسف لم أصوره- لتقليل تعريض النباتات لأشعة الشمس الحارقة، وهو غطاء بلاستيكي أخضر ذو مسامات يسمح بمرور أشعة الشمس، لكنه يخفف منها، وثبتناه بأعواد من حصير نخل قطعناها من شجرة نخلة نبتت لوحدها من بذرة في حوش البيت لم نستطع التخلص منها. ثم زرعنا شمام وقرع (يقطين) لكن لم نتأكد أن الموسم مناسب معهما أم لا. نبتت تلك النباتات المتشابهة بسرعة كبيرة، خصوصاً القرع، وامتد خارج مساحة الحوض ليغطي جزء كبير من الحوش، ثم ظهرت أزهار صفراء للشمام وبدأ بعدها ظهور ثمر بعد شهرين أو ثلاث تقريباً، لكن للأسف توقفت الثمار عن النمو فجأة ثم سقطت تلك الثمار الصغيرة، لم نعرف ما هو الخطأ الذي ارتكبناه أو ربما كان الموسم غير مناسب، أما القرع فظل ينمو إلى أن بدأ بالاصفرار بعد ثلاث أو أربع أشهر، وهذه بعض الصور التوثيقية لهذا المشروع:
الحمد لله لم ييأس أبنائي بعد هذه المحاولة، وكانت الإجازة ما زالت لم تنتهي بعد، فقطعوا هذه الشجيرات التي لم تُثمر للتجهيز لموسم زراعي جديد، لكن كانت هناك شجرة بليلة عدسية (كما نُسميها في السودان) أو ما تُمسى باللوبياء العدسية زرعها ابني الصغير محمد ، علمته كيف يزرعها، فأصبحت تنمو بسرعة بعد قطع شجيرات القرع والشمام، وصارت شجرة كبيرة مشابهة لأشجار الليمون، وكانت كل مرة تطول وكان أبنائي كل مرة يقيسون طولها معهم إلى أن أصبح طولها أطول منا جميعاً.
بعد تحضير اﻷرض مرة أخرى زرعوا هذه المرة فاصولياء وبعض بذور الفول السوداني وبعض البصلات. الفاصولياء لم تنجح و أكلتها الطيور، لكن الفول السوداني نمى بسرعة كبيرة وأزهر في وقت وجيز بعد عشرون يوماً فقط، وبدأ باﻹثمار، لكن الفول السوداني سوف أُخصص له تدوينة منفصلة بإذن الله، حيث أنه أكثر نبات بقولي نجحنا في زراعته وأعجبنا شكله وحصاده وطريقة نموه. وهذه هي الصور التوثيقية للموسم الثاني:
أصبنا نحصد البليلة العدسية هذه كل إسبوع وما زالت إلى الآن تُثمر، لا ندري كل يطول عمرها وإنتاجها، وهي من الوجبات التي نأكلها في رمضان بحيث ننضجها التمر، فنفتتح بها اﻹفطار بعد التمر.الحصاد والتقشير من النشاطات الممتعة لأبنائي، أحسوا بأنهم جنوا ثمار ما زرعوه.
كذلك الفول السوداني فقد أثمر وحصدناه، ثم زرعنا منه جيل آخر، لكن كما قلت سوف أتكلم عنه في تدوينة منفصلة بإذن الله:
في الموسم الثالث زرعنا ذرة شامية أو كما نسميها في السودان “عيش ريف” سوف ننظر حل تنجح زراعتها في هذا التوقيت!، كذلك وجدت كرمة عنب صغيرة عند مروري بأحد المشاتل في مدينة أمدرمان، لكن لا أعرف هل سوف تنجو من هذا الصيف الحار الذي بدأ باكراً هذا العام:
في الحقيقة كان هذا المشروع الصغير من أنجح المشروعات التي قضينا فيها وقت خلال العام، وتشاركنا فيها بالسقاية والاعتناء والحصاد وزراعة بذور في كل مرة، ومازال المشروع مستمر، نزرع في هذا الحوض موسم بعد موسم، استفدنا منه جميعنا، وقضينا به وقت، ودرسنا كيف تنموا الخضروات والبقوليات، فاصبح مساحة للتعليم بل و للأبحاث الزراعية، و حتى الحشرات تداخلت معه، حيث جاءنا سرب من النحل بنى خلية في النخلة وأصبح يُساهم في تلقيح هذه المزروعات، فأصبحت بيئة متكاملة، استفاد منها أبنائي فائدة كبيرة جداً، لذلك أحببت أن أُشارككم هذه التجربة لأن لا ننفرد بها وحدنا، وأنصحكم بها لكل من لديه مساحة حتى لو صغيرة في حوش البيت، أو بمزرعة القدم المربع التي أشار لها اﻷخ عبدالله المهيري في هذه التدوينة. الوقت المناسب لكم لبداية مثل هذا المشروع هو اﻵن، وأقصد “بالآن” هو وقت قراءة هذه المقالة، حتى لو كانت في وقت غير الربيع، فما دام لا يوجد ثلوج وبرد شديد يمكن بداية هذا المشروع في أي وقت من العام ويمكن تكييفه بتظليله في الصيف أو تدفأته في الشتاء بوضعه في بيت محمي صغير حسب الموسم، ولا تنسوا أن تخبرونا إذا نفذتم هذا النشاط.
ما شاء الله تبارك الله، حرفيًا استمتعت بكل كلمة في المقالة، و أوجه لك شكرًا عميقًا لهذه المشاركة التي جعلتني أنهض بكل حماسة و أقلب أصص الطين الذي جف مع الاهمال كي أقلبه و أنشطه من جديد و أضع فيه كل ما وقع بين يدي من بذور، شكرًا لك، من أجمل ما قرأت!
و استغربتُ حقيقة من قولك بأن مقطتع المزرعة من الحوش قد آذى المنظر أو شوهه، على العكس تمامًا، ما دام للشخص حوش تراب فعليه أن يستغله و لا يتأسف أبدًا، متعة و منظر و حيوية رائعة جدًا، أسأل الله أن يبارك لكم فيها و أن يجعلها مزرعة أبدية تجمع لكم ذكريات أسرية دافئة، و أن يديمكم لبعضكم و يحفظكم، كما أني أقدر لك انتباهك على المشاركة الجماعية بينك و بين أطفالك، أهنئك أنت أب رائع!🙏🌻
احترتُ بين توزيع تعليقاتي على الجولة الخرائطية الثالثة أو هذه، فازت هذه بالطبع، سننتظر مشاركاتكم العائلية دائمًا، موفقين محفوظين يا رب.
شكراً لك أخت أسماء على هذا التعليق المحفز.
في الحقيقة الحوش من بلاط، واضطررنا لتكسير البلاط لعمل هذا الحوض. المشكلة أن الحوش صغير وهذا الحوض في المنتصف تماماً لذلك أصبح كأنه ليس لدينا حوش في البيت، أصبح كأنه كله مزرعة
الشكر مردود لكم؛ خطوة شجاعة جدًا، و الواقع أني كنتُ أفكر طوال اليوم في اقتراح مثها على أبي مع أني شبه متأكدة من أنه لن يقبل بتكسر السيراميك الغالي على قلبه🤷♀️
و السؤال الوحيد الذي طرأ على بالي: لماذا لم تجعلو الحوض حول الحوش؟ بحيث تكون مساحة الحوش موجودة و إن صغرت؟ مع أنه في الواقع ليس شكلًا سيئًا أبدًا، غريب صحيح و لكنه يستحق التكسير، و بالطبع إذا تم إخراج البلاط كاملًا و جُهِزت الأحواض على محيط الحوش فسيكون ذلك أفضل و أكثر ترتيبًا و لكنه سيكلف بالطبع.
نعم معظم الناس لا يقبلوا بتكسير أو فك البلاط أو السيراميك، بالنسبة لكونه في الوسط حتى يكون بعيد من جدار الجيران لأن الماء إذا تسرب إلى الجدار شوف يتسبب في تشقق أساسه وينهار الجدار في النهاية، والسبب الثاني أن الحوش صغير، أي أن الحوض الآن يبعد حوالي مترين من حافة الجدار ومترين من حافة جدار آخر. نحن نسكن في بيت مساحته 200 متر، أي 14 متر في 17 متر، وهي من أصغر المساحات في العاصمة، أما خارج وسط العاصمة تكون البيوت مساحتها 400 متر.
فهمتُ، و أظن أن آخر خيط أمل كان يستدعيني الطلب من والدي قد تلاشى، فقد كنتُ أنوي عرض الفكرة على اطراف الحوش، و حوشنا طويل لكنه غير عريض…
بالنسبة لمساحة البيوت، صدقت، دائمًا بيوت الوسط أصغر، بل إني تفاجأتُ بأنها ليست بناية أصلًا، كعادة عقارات الوسط، إلا البيوت القديمة جدًا و المتوارثة.
بالتوفيق لكم يا رب🌸
في هذه الحال مزرعة القدم المربع هي خيار جيد، لأنها معزولة عن اﻷرضية.
يجب أن أعود للمقالة التي تحدثتَ عنها.
بارك الله فيكم يااارب .. نشاط جميل و الأجمل كمية الدفء المنبثق من عملكم الجماعي حفظكم المولى من كل سوء .. للأسف مريضة بالحساسية فليس لي قدرة لمثل هذه الأنشطة والمقطع الأخير جعلني أنفر منه ههههههه فأنا من أصحاب الفوبيا من أي حشرة🙈
شفاك الله من هذه الحساسية، أما الفوبيا فأفضل علاج لها حسب تجربتي معها هي المواجهة المتدرجة مما نخاف حتى يزول الخوف تماماً بإذن الله
أمييين .. في الواقع جربت المواجهة المتدرجة مع الكثير من فوبيات كانت لدي و نجحت لكن أمر الحشر لم ينجح معه شيء ..نطلب من الله العفو فالأمر أصبح مشكلا بسبب كبر سني …
ما شاء الله تبارك الله، تجارب جميلة جدا، سألت والدي، وهو يخبرك:
قد يكون سبب عدم نجاح الشمام بسبب نسبة الملوحة العالية في التربة، ولأن الشمام من النباتات التي يكون لها جذر طويل تبحث عن الماء وقد تكون قد وصلت الى القاع وفيه تربة نسبة الملوحة فيها عالية لهذا تموت.
البقوليات نجحت عندك لانها نباتات ذات جذر صغير.
البقوليات تحتاج النيتروجين وهي تأخذه من الجو، لهذا فهي تسمد نفسها بنفسها.
يخبرك أن تفحص التربة لديك انت افحصها او مهندس زراعي، اغسلها بالماء، وقد تكون التربة الطينية التي اتيت بها من النيل امسكت على الجذر، لهذا تحتاج الى رمل لتفكك هذه التربة.
ينصحك ابي بزراعة الدخن لفحص التربة.
شكراً لك ولوالدك لهذه النصائح الهامة
فعلاً التربة العليا هي تربة من طين النيل، أما الأسفل منها فهي تربة البيت نفسه أو المنطقة التي نسكن فيها.
كيف يمكن أن نفحص التربة بزراعة الدخن؟
على الرحب والسعة، القصد اذا نجح الدُخن اذاً التربة جيدة
سوف أجربه بإذن الله وأخبرك بالنتيجة. وقد زرعنا الذرة الشامية اﻵن، هل تُغني من تجربة الدُخن أم تختلف عنه
يقول لك نعم تقريبا تغني عنه، ويخبرك مرة اخرى بأنه يفضل سقاية التربة اكثر من مرة لتغسل، واضافة الرمل مع الطمي، وبالتوفيق
سوف أضيف الرمل بإذن الله بعد نهاية الموسم الحالي للمزروعات الحالية في الحوض
شكراً له ولك مرة أخرى، ودمتم في حفظ الله وتوفيقه