السلام عليكم ورحمة الله
في هذا اليوم الخريفي الذي استمرت فيه اﻷمطار من الصباح الباكر ثلاث ساعات ونصف تحفزت أن أكتب مقالة عن الزراعة بعد انقطاع وعدم رغبة في الكتابة، وبالتحديد عن تجربتنا في زراعة الفول السوداني في المنزل، في حوض الزراعة المنزلي الذي كان من المشروعات المهمة مع بداية إغلاق كورونا. وقد كان الفول السوداني أكثر نبات نجحت زراعته في هذا الحوض، حيث بدأ تجربته إياس بأن زرع خمس حبات فنبتت بسرعة كبيرة وأزهر في أقل من شهر وكان يختلف عن باقي النباتات التي زرعناها. أثناء الزراعة درسنا عنه وشاهدنا فيديوهات عنه وتعلمنا عنه معلومات كثيرة لم نكن نعلمها.
الفول السوداني من البقوليات لذلك كان اسمه (فول) وأصله من الدول الاستوائية لقارة جنوب أمريكا، أي أنه احد مكتشفات أمريكا، و جلبه المستكشفون إلى أفريقيا ثم دخل البلاد العربية عن طريق السودان، لذلك كان الاسم (الفول السوداني). اسمه بالإنجليزي Peanut وهي تعني فستق، لكنه ليس بفستق بل بقوليات كما تكلمنا عنه، لكن يتميز عن باقي البقوليات أنه يمكن أن يؤكل كمكسرات، ربما لذلك جاء اسم فستق. ومن المعلومات التي قرأتها عنه أنه يحتل المركز الثالث من حيث الدخل في التصدير للسودان بعد الذهب، أما الأول فهو السمسم، لكن مع ذلك فأكبر إنتاج له في العالم في الصين ثم الهند ثم أمريكا، أما من ناحية توثيق لزراعته فسوف تجد أن أمريكا هي من تحتل ذلك الجانب. الفول السوداني غني بالبروتين والدهون ومتعدد الاستخدامات ومن أهم منتجاته زيت الفول وزبدة الفول السوداني والتي بدورها تدخل في مُدخلات غذائية أو وصفات أخرى سواءً كانت لأطباق رئيسة أو سلطات أو حلويات.
بعد أربع أشهر من إنباته في حوض الزراعة حصدناه، ثم زرعناه هذه المرة في اﻷصص التي كُنا نزرع فيها نباتات الزينة، حيث أن شكله جميل وله زهور صفراء بها خطوط حمراء رفيعة يصلح كنبات للزينة. وأكثر وقت مناسب لزراعته بداية الصيف إلى بداية الخريف، لكنه نبت في الشتاء مع أنه محصول صيفي، لكن لا يوجد لدينا برد قارص في الخرطوم لذلك نجحت زراعته في الشتاء. و من اﻷشياء الغريبة التي لم نجدها في نبات آخر أنه بعد اﻹزهار يخرج من أسفل الزهرة جذر هوائي يتجه إلى التربة ليكوّن ثمرة الفول السوداني، وهذا الجزء يستمر أيام للنزول إلى اﻷسف وأحياناً لا يصل إلى التربة إذا كانت الزهرة مرتفعة عن سطح التربة. بعد أن يدخل سطح التُربة تبدأ الثمرة في النمو داخل التربة، و هذه الميزة تجعل ثمرته بعيدة عن الآفات.
أكبر مشكلة مصاحبة للفول السوداني هي مادة سامة تنتج عن فطر تُسمى اﻹفلاتوكسن، وهي تنتج عن سوء التخزين، وهي تشكل مشكلة للدول المُنتجة التي لا يُهتم بها بالفحص لوجود هذا الفطر، أما الدول المستوردة فتكون أقل خطراً حيث تُراقب فيها زبدة الفول السوداني عند استيرادها، وتهتم الدول المُنتجة أن تُصدر نوعية جيدة خالية من أي مشاكل، أما ما يُباع في السوق المحلي للدول المنتجة فيمكن أن يكون عُرضة لهذا الفطر. وقد قرأت أن هُناك نوع من هذا الفول يقاول هذا الفطر لكنه لا يُزرع بكمية تجارية مثل الفول السوداني، واسمه Jungle Peanuts أتمنى أن أجده لأساعد عن نشره ويكون بديل أفضل من الفول السوداني.
زراعته سهلة جداً، أولاً تجهيز البذور بتقشيرها لاستخراج الحب الداخلي ثم تركه يومين أو ثلاثة ليجف قليلاً إذا كان حديث الحصاد، ثم توضع حبة واحدة في أصيص زراعي ذو تربة هشة أو رملية، ويمكن أن تُنقع الحبوب في الماء لمدة ثماني ساعات قبل زراعتها، ثم يُسقى كل يوم إلى أن ينبت ويحتاج من ثلاث أيام إلى إسبوع. ومن اﻷشياء المهمة أنه لا يحتاج إلى سماد، على اﻷقل لا يحتاج إلى سماد النترات، حيث أن به عقد بكتيرية في الجذور تُساعد على تثبيت النيتروجين في التربة، مثله مثل باقي البقوليات، أتذكر أننا درسناها في المتوسطة، أما اﻵن فقد رأينا تلك العقد بأعيننا، فتُصبح التربة أكثر خصوبة بعد زراعة الفول السوداني، لكن لا أعرف هل تستفيد نبتة الفول فقط بهذا النيتروجين أم أنه ينتشر في التربة! بعد اﻹزهار يحتاج من ثلاث إلى أربع أشهر لكي تنضج الثمار، عندها سوف تبدأ اﻷوراق بالاصفرار، فإذا حدث تأخير في الحصاد يمكن أن تنبت بعض البذور الناضجة، أي أنه ذاتي الإنبات إذا وجد ري منتظم يمكن أن يتكاثر في التربة طوال العام خصوصاً في اﻷجواء الحارة.
في إحدى زياراتي اﻷخيرة لسوق الخُضار والبقوليات وجدت فول سوداني كبير الحبة، تقريباً ثلاث أضعاف حجم حبة الفول السوداني، سألت البائع قال أنه فول برازيلي، لكن لم أجد اسم الفول البرازيلي عندما بحثت عنه في النت، إنما وجدت أن أكبر نوع يُسمى Virginia وهو يُستخدم للأكل كمكسرات. زرعنا منه عدد من الحبات ننتظر هل ينجح في السودان أم لا، لكن عموماً إلى اﻵن فإن نبتته مشابهة تماماً للفول السوداني العادي.
أختم بهذه المقالة بألذ أكلة يُمكن أن تُصنع من الفول السوداني أو بالتحديد بزبدة الفول السوداني، وهي نُسميها في السودان دكوة، و اﻷكلة هي نوع من السلطة مع الدكوة، تُسمى (سلطة دكوة)، وتتكون من طمام و عجور أو خيار و جزر و فلفل أخضر وبصل، كلها تُقطّع وتُمزج مع زبدة الفول السوداني ثم الملح و زيت، ومع أنها سلطة إلا أنها دسمة ومُشبعة، أنا شخصياً إذا وجدتها خصوصاً إذا كانت بدون بصل فيمكن أن تغنيني من أن آكل معها آي شيء آخر على الفطور أو حتى على الغداء.
هذه هي الوصفة في هذا الرابط
شعرت بالحماس أشعر أنني سأجرب زراعتها تبدو سهلة.. شكرا على النشر
نعم سهل الزراعة، شاهدت اليوم المغاربة يضعون الفول السوداني مع اللحم
لا أعرف عن وضعه مع اللحم ربما في جهة أخرى.. عادة نضع معه اللوز والبرقوق المجفف وحتى السمسم لكن الفول السوداني فلم اسمع بهذا..تختلف الجهات وتختلف معها العادات..
هذا هو مقطع الفيديو الذي حضرته اليوم الذي أقصده:
https://youtu.be/dAjxKXMtnTg?t=524
شاهدت المقطع ..والذي في الطبق لوز سلق ونزعت قشرته بعد السلق ثم من بعده تم قليه الى ان اخذ ذاك اللون ويضاف له الملح قبل القلي ..يسمى اللوز الرومي لأنه صغير ..
يشبه الفول السوداني شبه كبير، لذلك كان يُعتبر الفول من المكسرات
هذا ثريد مدهش! لا شك أنه سيبقى مرجعًا جيدًا.
سأجربه طبعًا، شكرًا لك ونتمنى لكم غيثًا طيبًا ومقالات مثل هذه عن نباتات أخرى جربتم زراعتها في المنزل🌺👍
كان لدى جدي لأمي مزرعة في بلادهم وكان يُرسِل إلينا القائم عليها كل فترة محصول كثير من الفول السوداني، كان طعمه غني أكثر من الري نشتريه، لكن المشكلة كانت في تقشير قشرته، عندما يكون كثيرًا فذلك يصبح عذابًا. المهم أنه كان كبيرًا مثل حجم الفول البرازيلي تقريبًا، بعكس ما نشتريه فهو صغير في الغالب.
عندما يكون بقشره فأفضل طريقة لأكله هو أن يُغلى بالماء كما هو، ثم يؤكل كالمكسرات بأن يُقشر أثناء أكله