يوم خميس ماطر وصباح جمعة غائم. يوميات على طريقة رياض فلحي

السلام عليكم ورحمة الله

قرأت الصباح تدوينة للأخ رياض الفلحي وذكر فيها مدونتي مع عدد من الروابط من مدونات بعض زملائنا في التدوين، وذكر أني لا أكتب كثيراً، وكلامه صحيح، لذلك أردت أن أكتب هذه التدوينة وأهديها له، أي أنه السبب وراء كتابتي لهذه المقالة. لكن فكرت أن أتقمص شخصيته وأسلوبه في الكتابة، حيث أن له أسلوب مميز في الكتابة وسوف أحاول تقليده بقدر ما استطيع. أصعب ميزة له ربما لا استطيع تقليدها هي الاختصار الشديد وترك بعض أجزاء القصة لمخيلة القارئ.

بدأ يوم أمس الخميس كيوم مزدحم بسبب أن في منتصفه اجتماع في مكتب زبون، ثم بعد الظهر لدينا فلم وثائقي نُشاهده في المكتب. خرجت قبل الاجتماع بثلث ساعة آملاً أن أصل في الوقت المناسب حيث اعتدت أن أصل مع الزمن بالضبط ليس قبله وليس بعده، وجدت السماء غائمة ففرحت أني سوف أذهب في هذا الجو الجميل، لكن مع بداية قيادة السيارة هطل المطر ثم أصبح يشتد.

الاجتماع في اﻷصل كان عن طريق النت، لكني لا أحب هذه الطريقة، أحب أن أجلس وجهاً لوجه مع من نجتمع بهم، وكانت الضريبة على إصراري هذا القياد في يوم ماطر شديد المطر، لكن المشكلة كانت في النزول من السيارة إلى الدخول لمقر الزبون، حيث كانت حوالي نصف دقيقة في أشد أمطار هطلت علينا في هذا الموسم، فكأني مكثت دقيقة تحت الدش بملابس العمل والموبايل وحقيبة اللابتوب. دخلت محل العمل مبللاً، الغريب أنه لم يتعجب أحد من منظري هذا إلا واحد أو إثنين ممكن سلمت عليهم. استمر الاحتماع ساعة وكانت المكيفات تعمل، لكن الغريب لم أحس بالبرودة إلا عندما خرجت راجعاً إلى مكتبنا حتى ألحق الفلم الوثائقي والذي هو بعد الظهر. شغلت السخان في السيارة لأني أحسست أن أطراف أصابعي بدأت تتخدر من البرد، ولم يكن برد شديد لكن ربما هُناك أسباب أخرى مثل التوتر الشديد بسبب المهام التي كُلفنا بها في الاجتماع ثم القيادة في المطر واللحاق باجتماعي الثاني في المكتب.

لم أخبر زملائي بإسم الفلم الوثائقي، أحدهم سألني هل هو عن السيليكون فالي قلت له نعم لكن لن أخبرك باقي التفاصيل. وكان الفلم الوثائقي عن بل قيتس وشركة ميكروسوفت وتاريخ البرامج ونظم التشغيل في تلك الفترة.

ناقشنا سر نجاح الشركات واﻷشخاص، ونوعية اﻷعمال المختلفة من عمل حر ووظيفة، وحسنات وسيئات كل نوع، ومن هم الأشخاص المناسبون لكل نوع عمل

استمر الاجتماع والمناقشة إلى العصر، صلينا العصر ثم رجعنا للعمل إلى المغرب، بعد المغرب رجعت إلى البيت وكان معي ابني صهيب. تغدينا في المنزل ثم صلينا العشاء وكانت الكهرباء مقطوعة بسبب المطر من الظهر، ورجعت قبل صلاة العشاء بدقيقة واحدة تقريباً
نمت متعباً ذلك اليوم وصحيت لصلاة الفجر، صلينا ثم رجعت وعملت شاي بحليب وبدأت أخطط كيف أقضي الصباح، وحفزّني كلام اﻷخ رياض للقيام بنشاط ثم الكتابة عنه. ذهبت إلى جزيرة توتي لمتابعة الفيضان ووجدته لم يصل بعد، حيث تابعت أمس امتلاء سد النهضة مساء الخميس ومتوقع أن يصل الفيضان للخرطوم بعد يومين .

كان الجو غائماً صباح الجمعة والشوارع فارغة وكانت الساعة السادسة صباحاً، مررت في الطريق ببصات سفرية تستعد للسفر في الصباح الباكر. ما أجمل السفر في هذا الخريف.

غشيت صراف آلي لصرف بعض النقود، ثم مررت بالجامعة التي درست فيها: جامعة السودان للعلوم والتكنلوجا، في الصورة على اليسار:

ثم فندق كورنثيا وهو استثمار ليبي في الخرطوم

ثم جسر توتي المعلق:

أوقفت السيارة على مسافة بعيدة من الشاطئ حتى يتسنى لي المشي قليلاً والتمتع بطبيعة المكان، سمعت أصوات طيور تصيح بطريقة غريبة ومخيفة

وجدت أن المياه ارتفعت قليلاً عن الاسبوع الماضي في شاطئ النيل اﻷزرق لجزيرة توتي حيث كنت زرته مع أبنائي:

تجولت قليلاً ووجدت الماء يرتفع وبه رغوة (زبد) ورأيته يملأ حفرة دائرية، هذه إذاً بداية الفيضان !

كان الجور جميلاً لكن كان لدي الكثير من اﻷشغال، لكن دائماً مهما كثرت أشغالي لا تمنعني من أستمتع ببعض الوقت.

كان الإنترنت عندي في البيت متعطل قبل هطول اﻷمطار ولا يمكن صيانة ADSL بعد هذه الأمطار بسهولة، لذلك في طريق العودة رجعت إلى مقر الشركة وأخذت معي راوتر Wifi حتى أعمل أيام الإجازة. سقيت النبتة الوحيدة في بلكونة المكتب:

رجعت البيت وبدأت بكتابة برنامج صغير طُلب منا في اجتماع أمس، وأرسلت ابني يوسف ليشتري الحليب، وبعد تسخينه صببت جزءاً منه في إناء لعمل زبادي، وعمل الزبادي من الأشياء التي استمتع بها، وتكون دائماً مهمتي في رمضان، وقد امتدت إلى ما بعد رمضان:

أتممت البرنامج في أقل من ساعة، وهو من نوع web service ، وهي من البرامج السهلة، لكن عندما حاولت حفظه في المخدم وجدت أن المخدم مغلق، وعندما بحثت وجدت أنه مغلق بسبب مشكلة bandwidth overuse عندما راجعت سعة التحميل وجدتها 20 تيرابايت، وأنا متأكد أننا لا يمكننا الوصول إليها في عشرة أعوام فكيف نصلها في شهر!! هذه المشكلة أفسدت صباحي وكدت أن لا أكتب هذه المقالة بعد أن كنت متحمس وتغير مزاجي من النقيض إلى النقيض. لكن بإذن الله سوف أبحث عن استضافة VPS أخرى يُعتمد عليها.

أنهيت هذه اﻷشياء في التاسعة صباحاً وهي نهاية وقت البكور وهو الجزء اﻷول من اليوم الذي أسعى لعمل أشياء مهمة فيه حتى تدخل هذه اﻷعمال والنشاطات ضمن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لأمتي في بكورها

بعد ذلك شرعت في كتابة هذه اليوميات، ثم أحسست بانخفاض في الإضاءة، فخرجت إلى الفناء ووجدت السماء بدأت تتلبد بالغيوم، كأنه يوم ماطر آخر، نسأل الله أن يجعلها أمطار خير وبركة.

الكاتب: أبو إياس

مهندس برمجيات

11 رأي حول “يوم خميس ماطر وصباح جمعة غائم. يوميات على طريقة رياض فلحي”

  1. هذا الاسلوب في التدوين رائع! استمر بارك الله فيك.
    لدي فضول حول أصوات الطيور حول النيل، وكذلك فندق كورنثيا الاستثمار الليبي.

    1. هذا الاسلوب مكلف، يحتل ساعات كثيرة لإنجازه، ويحتاج تصوير
      فندق كورنثيا كان اسمه برج الفاتح، لكن بعد الثورة في ليبيا تغيرت ملكيته أو اسمه لكورنثيا، وهو أفخم فندق في الخرطوم، كنا نعقد فيه اجتماعاتنا السنوية في بدايات عملنا الخاص، هذه بعض الصور منه:

      Corinthia hotel, Khartoum

      بالنسبة للطير فهي أنواع كثيرة نجدها في النيل، لكن لا نعرف أسمائها، ما أعرفه منها البجع ومالك الحزين (البلشون) والقمري والحمام المطوق

  2. تدوينة رائعة ،مليئة بالحركة ،أعرف انها تكلف جهدا من تصوير و كتابة،أعجبني فندق كورنثيا و النيل…هل يؤثر سد النهضة على منسوب المياه في المنطقة؟

    1. نعم له أثر كبير هذا الخريف، حيث تأخر الفيضان، وربما لن يأتي. والفيضان تتضرر منه كثير من القرى حول النيل، كما يستفيد منه البعض اﻵخر في الزراعة وتسميد اﻷرض.
      سوف أتكلم عن هذا اﻷثر لهذا العام لاحقاً نهاية هذا الشهر أو بداية سبتمبر بإذن الله

  3. تدوينة جميلة جدًا. ثمة أشياء كثيرة استفدتُ من معرفتها هنا؛ لكن بقي عندي فضول ما هي النبتة التي في بلكونة المكتب؟
    بالتوفيق لك؛ وشكرًا لك رياض على تحفيزك أبا إياس على كتابة تدوينة ماتعة مثل هذه😄🌸

اترك رداً على أبو إياس إلغاء الرد