من المتأمل لخزائن اﻷرض من الجمال والطبيعة

السلام عليكم

لفت نظري مؤخراً المناطق الطبيعية الزاخرة الخالية من أي متأمل أو غير متأمل، من شواطئ ممتدة وجبال وأودية بها أشجار ومياه متدفقة أو ثلوج، وصحارى بها كثبان وتلال رملية ساحرة، وبحار وأنهار، وفي كل هذا شروق وغروب في كل يوم ولا يراه أي منا إلا قليل جداً والأقل من يراه بتأمل ونظرة جمالية، وملايين اﻷزهار تتفتح كل يوم ولا نراها. ما أقصده ليست المساحات الجغرافية لهذه اﻷمكنة فقط، لكن ما أقصده مقدار التوفر الزمني لها، بمعنى المكان مضروب في الزمان، أي آلاف الكيلومترات المربعة بل ملايين الكيلومترات في آلاف الساعات يمر عليها اليوم والليل والشمس والقمر والبرد والصيف والمطر والرياح، لكن من يشهد هذا منا إذا قسناه بالساعات فهي قليلة جدا تكاد لا تُحصى، أي أن هذه المناطق الطبيعية تبقى 99% من الوقت لا ينظر إليها أي شخص. وأتكلم فقط عن اﻷرض فما بالك بباقي الكواكب والمجرات ما فيها من جمال وشروق وغروب وأقمار، حيث أن بعض الكواكب بها أكثر من قمر من دون أن نراها أو نستمتع بها.

أكثر قارة مزدحمة بالسكان هي قارة آسيا حيث أن متوسط كثافتها السكانية هي 95 شخص في الكيلومتر المربع، والكيلومتر المربع أبعاده ألف متر في ألف متر، فيمكن أن تمثل هذه المساحة حياً صغيراً، تليها أوروبا بكثافة 72 شخص في الكيلومتر المربع، ثم أفريقيا بكثافة 33 شخص، ثم الأمريكتين بكثافة 22 شخص، وأقلاها كثافة – وهي القارة المفضلة لدي وأتمنى أن أزورها- وهي أستراليا بكثافة ثلاث أشخاص فقط في الكيلومتر المربع، والكثافة السكانية في أستراليا مرتكزة في مناطق معينة أغلبها ساحلية كما تظهر في الخريطة أدناه حيث يُمثّل اللون اﻷحمر 50% من السكان القارة الذين لا يتجاوزون 41 مليون نسمة في كافة أرجاء القارة:

وهذه هي بعض الصور لمناظر طبيعية لم يتدخل فيها اﻹنسان، لكم أن تتخيلوا كم مر عليها من آلاف السنين وشروق وغروب وكل فصول السنة ولا يحظى إلا القليل لرؤيتها:

كذلك إذا تأملنا المصادر الطبيعية من حيث توفرها مثل أشعة الشمس والطاقة التي تبعثها لآلاف السنين لكل الكواكب، ومقدار المياه المتدفق من الشلالات واﻷودية والأنهار قياساً لأكثرها تدفقا وهو نهر اﻷمازون في أمريكا الجنوبية بمقدار تدفق 224 مليون لتر في الثانية الواحدة، ومن أقلها نهر النيل (رقم 105 بين اﻷنهار من حيث التدفق ) بمقدار أقل من 3 مليون لتر في الثانية، أي 10 مليار لتر في الساعة. وهذا غير السحب التي تحمل كميات لا تحصى من المياه ينقلها الله من البحار واﻷنهار والأشجار إلى الأراضي التي تحتاج إلى الماء، كما قال الله تعالى في وصف دقيق لهذه العملية: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ

شلالات بحيرة تانا، منبع النيل اﻷزرق

هذا كله مُلك لله، خلقه الله لنا لننتفع به ولنتأمله، كما يقول تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. ويقول تعالى: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ

هذا ورحمة الله وخزائنه أكبر وأكثر من مما نراه ومما نتخيله، وأن كل هذه الدنيا سوف تزول واﻵخرة خير من كل هذا وهي الباقية لنا، فنسأل الله أن يُحسن ختامنا ويجعلنا ممن يتفكر في آياته ومخلوقاته و يعمّر اﻷرض بطاعته.

رأيان حول “من المتأمل لخزائن اﻷرض من الجمال والطبيعة

  1. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم..هذه المخلوقات العظيمة آيات لكي يعلم الإنسان حدود قوته التي لا تذكر أمام قوة الله العزيز الجبار

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s