في أحد أيام إجازة الإسبوع، وكان يوم سبت فكرنا أن نعمل تجربة أو نشاط ما، فوقع الاختيار على الكمبوست، وهو تخمير بقايا الخضروات واﻷوراق والكرتون في وعاء لعدة أشهر إلى أن يتحلل ثم نستخدمها كسماد للزراعة أو الزراعة في ذلك الوعاء مباشرة. وقد استمرينا عليه عام أو أكثر ثم توقفنا لعدم وجود أوعية كافية لعمل ذلك الكمبوست. ولغرض كتابة هذا الموضوع رجعنا مرة أخرى لعمل كمبوست وتوثيقه في كل مراحله للكتابة عنه بالتفصيل وسرد تجربتنا. ويوجد عدد من الطرق لعمل الكمبوست لذلك تجربتنا هذه تتناول نوع واحدة وبطريقة واحدة. والجدير بالذكر أنها تجربة مذهلة تجمع بين علم البيئة وعلم اﻷحياء وهي تجربة تعليمية ممتازة.
الطريقة التي اتبعناها هي إحضار وعاء بلاستيكي كبير، مثلاً برميل ماء أو برميل نفايات ثم ثقبه بكاوية مثلاً أو مفك بعد تسخينه في النار، وذلك لأن التخمير هوائي فلابد من التهوية الجيدة في الوعاء وإلا حدث تعفّن. ثم نضع قليل من التراب في قاع الوعاء، ثم نجمع فيه مخلفات الخضار واﻷوراق. و حسب تجربتنا فإن المخلفات التي تُناسب الكمبوست وتتخمر بطريقة سريعة دون أن تتعفن هي: باقي الخضار الطازجة غير المطبوخة، و قشور الفواكه وبقاياها، وأوراق الأشجار الجافة، والنباتات الميتة، والحشائش التي نتخلص منها، و اﻷوراق والكرتون، مثل أطباق البيض الكرتونية – لذلك نُفضل شراء البيض في اﻷطباق الكرتونية القابلة للتحلل وليس البلاستيكية- والجدير بالذكر أن الكمبوست أفضل في تحليل اﻷوراق – المهمة مثلاً – مقارنة بجهاز تقطيع اﻷوراق paper shredder حيث أن اﻷخير يقطعها إلى أجزاء صغيرة لتصعب قراءة محتويات اﻷوراق، لكن الكمبوست يحلل اﻷوراق إلى مستوى الجزئيات والذرات، أي إلى الكربون والمركبات الهيدروكربونية فهو بذلك محلل ورق وليس مقطع، لذلك أحياناً أضع الورقة كما هي دون تقطيعها. أما اﻷشياء التي لا تصلح لهذا النوع من الكمبوست حيث تحتاج وقت أطول وتتعفن أثناء التحلل فهي: باقي الخضار المطبوخ، والمنتجات اللبنية والزيوت والدهون، وبقايا المخبوزات والخبز – باقي الخبز مناسب أن ندرشه وننثره للطيور- كذلك قشر البيض فهو يحتاج لأكثر من عام ليتحلل، كذلك السيقان والفروع القاسية للأشجار فهي لا تتحلل بسهولة، لكن لا يضر أن تتبقى بعض الأخشاب وبعض المكونات القاسية غير المتحللة تماماً.
هذه هي الخطوات بعد تجهيز برميل ماء قديم بقطعه نصفين وتثقيبه بواسطة كاوية، ونضعه في فناء المنزل في مكان ذو تهوية جيدة واﻷفضل أن يكون بعيد عن الشمس المباشرة.






من ناحية عملية نضع وعاء في المطبخ لتجميع بقايا الخضار والفواكه، وعندما يمتلئ نُفرغه في الكمبوست إلى أن ترتفع إلى أكثر من النصف في البرميل، فنغطيه بالتراب، وقد تعمدت استخدام رمال غير زراعية لتجربة هل يمكن تحويل التربة غير الزراعية إلى زراعية باستخدام الكمبوست أم لا! ثم نرشه بالماء كل فترة حتى يبدأ التحلل والتخمر، حيث أن التخمر لا يحدث إذا كانت تلك المكونات والتربة جافة، ثم نستمر مع طبقة أخرى من الكمبوست، ونُلاحظ أن الكمبوست عندما يتحلل يتقلص حجمه فينزل إلى اﻷسفل لذلك نستمر بوضع المخلفات فيه لفترة تستمر لشهور، ثم نضع التربة في أعلى الكمبوست عندما يمتلئ، وبهذا نُعلن امتلاء الكمبوست ولا نضع فيه مزيد من المخلفات إنما ننتظره ليتحلل ونسقيه أو نرشه بالماء ونلاحظ أنه يبدأ بالهبوط إلى أن يصل إلى منتصف البرميل وهذا يعني أنه وصل إلى المرحلة الأخيرة من التحلل ويمكن زراعته أو استخدامه كسماد للزراعة، لكن كلما تأخرنا كان ذلك أفضل لنضمن التحلل الكامل أو شبه الكامل للمكونات:






في بداية التحلل ربما يظهر نوع من الفطر والفطريات تحلل الكمبوست في المرحلة اﻷولى، لكن ننتبه أن بعضها سام، خصوصاً الملونة منها، وتختلف أنوعها حسب المنطقة، ثم المرحلة الثانية تأتي بكتريا تحول مخلفات المرحلة اﻷولى إلى مخلفات ثانية لتأتي بكتريا ثانية لتحوله إلى مرحلة أخرى، إلى أن تتحول المكونات العضوية إلى مركبات أصغر وأصغر إلى المعادن مثل الكربون والنيتروجين والفسفور التي يستفيد منها النبات في نموه. ونلاحظ أننا لم نضيف أي شيء لإتمام التخمير، حيث أن كل البكتريا والفطر وحتى الحشرات تأتي من البيئة بطريقة طبيعية وتلقائية للقيام بدورها في تحليل تلك المكونات والمخلفات العضوية. إذا قلبنا التربة نجد أنه لا أثر لمعظم المكونات العضوية، لا أوراق ولا كرتون ولا أوراق نباتات ولا قشور فواكه كأنها لم تكن موجودة ولم تأخذ أي حيز، وتكون هناك رائحة التربة الزراعية فقط لا يوجد أي أثر لتعفن أو تخمر، هذا إذا تحلل بطريقة صحيحة وسريعة، وفي الصيف يتحلل بطريقة أسرع من الشتاء، حيث أن الشتاء والجفاف يقللان من سرعة التخمر والتحلل.
بعد إغلاق الكمبوست اﻷول وانتظاره ليتحلل، حضّرنا وعاء آخر للاستمرار في الاستفادة من المخلفات العضوية من الخضار والفواكه، لكن هذه المرة استخدمت تربة زراعية من الزهريات القديمة التي أصبحت قليلة المواد الغذائية لإعادة تدويرها وتسميدها:


حتى لا أطيل المقالة، نترك مرحلة الاستفادة من الكمبوست والزراعة فيها – خصوصاً التربة الرملية غي الزراعية- إلى مقالة قادمة بإذن الله لنرى ما هي نتائج استخدام الكمبوست في الزراعة.
كنا لفترة نصنعه في المنزل، هذا من أفضل الوسائل لاستغلال مخلفات الخضار والنباتات ويمكنه إغناء التربة وهذا يعني محاصيل أفضل عند الزراعة، يفترض أن يكون صنعه هو الأسلوب الذي تمارسه المدن للتخلص من المخلفات النباتية بدلاً من رميها في مكبات النفايات.
صحيح، لكن يحتاج أن يكون بالمنزل مزروعات لتدوير تربتها معه، أو يكون هُناك مصرف لهذا الكمبوست، مثلاً أصحاب المزارع يأخذون الكمبوست من البيوت لتسميد مزارعهم
هذا رائع جدا، من فضلك استمر.