إعادة تدوير الحواسيب القديمة

السلام عليكم ورحمة اللهprocessorBack

مقدمة

في هذه المقالة بإذن الله سوف أتحدث عن آليات للاستفادة من أجهزة الحاسوب القديمة سواءً كانت أجهزة مكتبية desktops أو محمولة laptops أو حتى مخدمات قديمة servers. وهذا بناءً على تجارب نجحت لفترة طويلة وأفكار نظرية يُمكن تطبيقها بسهولة للاستفادة من هذه اﻷجهزة لأطول فترة ممكنة.

أجهزة الحاسوب من أهم ميزاتها أنها تم بناءُها لتكون متعددة اﻷغراض، لذلك إذا اصبح العتاد قديم واصبحت إمكاناته أقل من المطلوب في تنفيذ غرض معين، فيمكن بسهولة تحويله لخدمة غرض آخر لا يحتاج لموارد كبيرة.

الإستقرار في العتاد

في القديم كان العتاد غير مستقر، وكان هُناك تسابق في إصدار معالجات ذات سرعات أكبر لتلبية حاجة البرمجيات المتزايدة، وكان هذا التزايد مضطردًا حيث كانت هناك استحالة في إبقاء العتاد القديم لفترة طويلة مع ترقية نظام التشغيل والبرمجيات التي تعمل عليه. لكن اﻵن وتحديداً بعدما تم إبتكار المعالجات متعددة اﻷنوية حدث استقرار كبير وأصبح من اﻹمكان ترقية نظام التشغيل والبرامج إلى اﻷحدث دون الحاجة إلى تغيير العتاد. يُمكن فقط زيادة الذاكرة والتي أيضاً أصبحت متوفرة ومتيسرة. هذه عن تجربة وعن نظرية أيضاً في أن المعالج متعدد اﻷنوية أفضل من المعالج أُحادي النواة حتى لو كان اﻷخير ذو سرعة أعلى، وقد وجدت هذه المقالة تتكلم عن هذه النظرية.

تغيير البرمجيات

إحدى الطُرق للاستفادة من العتاد القديم هي تغيير البرامج التي تعمل عليه إبتداءً من نظام التشغيل، حيث توجد نُظم تشغيل تُناسب الأجهزة محدودة الموارد، مثل لوبونتو. مرة قرأت تجربة في مدرسة أنهم قاموا بتحويل أجهزة المعمل القديمة إلى نظام لينكس وأن هذا النظام قد أضاف إليها أميال جديدة، أي عمر جديد بدلاً من رميها وشراء أجهزة جديدة. كذلك يُمكن تغيير البرامج التطبيقية، مثلاً أدوات التطوير توجد منها أدوات تستهلك موارد كبيرة مثل NetBeans وأخرى لا تستهلك الموارد بنفس القدر مثل Eclipse باعتبار أنهما يُستخدمان لنفس لغات البرمجة، كذلك أداة التطوير Lazarus أخف من أداة التطوير Delphi بل ويمكنها أن تعمل في جهاز أحادي النواة بكل سهولة . فإذا كان الهدف التعليم فليس هُناك داع لاستخدام أدوات تطوير مكلفة للموارد. نفس الشيء يمكن قوله لمحركات قواعد البيانات حيث أنها تتفاوت في استخدام موارد الجهاز، وكذلك متصحفات اﻹنترنت وبرامج البريد اﻹلكتروني، وهذه مهمة مهندسي تقنية المعلومات في البحث المستمر لخيارات أفضل للتشغيل.

بهذه الطريقة يُمكن تغيير البرمجيات فقط دون تغيير الوظيفة اﻷساسية التي يقوم بها الحاسوب المعني.

التغيير من جهاز مكتبي إلى مخدم

من المفاهيم غير الصحيحة في مجال تقنية المعلومات هو أن المخدمات دائماً تحتاج لتكون أجهزة ذات إمكانات عالية أكثر من اﻷجهزة المكتبية. وهذه الفكرة موروثة بسبب أنه في الماضي البعيد كان يُعتمد على حاسوب مركزي main frame وكانت اﻷجهزة عبارة عن طرفيات فقط dummy terminals ليس فيها معالج أو ذاكرة إنما يُستخدم معالج الجهاز المركزي بطريقة تشاركية مع باقي الطرفيات. لكن اﻵن تغير الوضع وأصبح الحاسوب الطرفي جهاز كامل العتاد مستقلاً بنفسه لا يحتاج لمخدم حتى يعمل، وأصبح المخدم هو جهاز يعمل بصورة مستقلة وينتظر لأن يخدم أي عميل بين الفينة واﻷخرى. إذا نظرنا للبرامج الموجودة في جهاز المستخدم نجد أن غالبيتها برامج ذات واجهة رسومية وهي تستهلك الذاكرة والمعالج بشكل كبير، ومازالت تلك البرامج في زيادة مستمرة لإضافة إمكانات جديدة، هذه اﻹمكانات الجديدة والميزات تستخدم المعالج بشكل أكبر والذاكرة كذلك. وإذا نظرنا للمخدمات في نظام لينكس مثلاً نجد أنه يستخدم فقط الواجهة النصية البسيطة التي لم تتطور كثيراً والتي لا تحتاج إلى معالج قوي ولا ذاكرة كبيرة بإعتبار أن المخدم يتم الدخول عليه من بعد فقط باستخدام واجهة الكمبيوتر المكتبي وهذا الاستخدام ربما ينتج عنه استخدام لمعالج الكمبيوتر المكتبي أكثر من معالج المخدم. ولإثبات ذلك يمكن مراجعة هذا الرابط لمعرفة ماهو أقل عتاد لتثبيت نظام أوبنتو لسطح المكتب وآخر للمخدم، حيث نجد أن أقل مواصفات لتثبيت نسخة سطح المكتب هي:

  1. معالج 700 ميغاهيرتز
  2. ذاكرة 512 ميغابايت
  3. كرت شاشة ذو دقة 1024 * 768 بيكسل

أما المواصفات اﻷدنى لتثبيت مخدم أوبنتو فهي:

  1. معالج 300 ميغاهيرتز
  2. ذاكرة 128 ميغابايت
  3. كرت شاشة ذو دقة 640* 480 بيكسل

من العوامل المهمة أيضاً أن المستخدم دائماً يحب إمتلاك أجهزة جديدة تكون أكثر بريقاً، وشاشتها أكثر وضوحاً ولوحة مفاتيحها أكثر طراوة، أما المخدم فليس هناك فرق في شكله أو شاشته، حيث يُمكن أن يعمل بدون شاشة أو لوحة مفاتيح. ويُمكن بناء أرفف مناسبة لأجهزة سطح المكتب التي قُمنا بتحويلها إلى مخدمات.

تغيير وظيفة المخدم

طريقة ثالثة مقترحة هي تغيير وظيفة المخدم، مثلاً من المعروف أن مخدمات قواعد البيانات تحتاج لمعالج وذاكرة كبيرة، وكلما زاد حجم البيانات وعدد المستخدمين كلما زاد إستهلاك موارد الجهاز، في هذه الحال يُمكن إدخال مخدم آخر للخدمة للتخفيف عن المخدم الأول، أو بترقية عتاد المستخدم أو حتى بشراء مخدم جديد ذو إمكانات أعلى، لكني أفضل الحل اﻷول، حيث يمكن لمطور النظام أن يجد طريقة لزيادة كفاءة استخدام قاعدة البيانات. وفي حالة شراء مخدم آخر يُمكن اﻹستفادة من العتاد القديم بتشغيله في وظيفة أقل استهلاكاً لموارده، مثل مخدم للبريد اﻹلكتروني، أو مخدم ويب والذي يُمكن أن تكون مشكلته الكبيرة هي سرعة الشبكة، وليس إمكانات المخدم، حيث أن ترقية مخدم الويب لايزيد سرعة الاستجابة إذا كان هُناك محدودية في التوصيل الشبكي. لكن هذا يتطلب اﻹعتماد على معمارية مختلفة، فبدلاً من إستخدام مخدم واحد يعمل لكل الخدمات super server فيمكن تغيير معمارية البنية التحتية للنظام المعلوماتي، فيكون هناك عدد من المخدمات ذات إمكانات أقل لكنها كثيرة، هذا يجعلها أقل عرضة للتوقف التام لكافة الخدمات عندما يتعطل المخدم الرئيسي، فلا يكون هُناك مخدم رئيسي بل مخدمات متعددة يمكنها أن تحل محل بعضها ويسهل تبديلها دون توقف الخدمة.

تجربة عمليةinsidepc

قمت بتجربة استخدام جهاز كمبيوتر مكتبي قديم في البيت عمره أكثر من ١٢ عاماً، حيث قمت بتحويله إلى مخدم للملفات وهو يعمل بكفاءة عالية، كذلك حوّلت لابتوب قديم إلى مخدم للتحكم بالمصادر source control ومخدم بريد يمكن الوصول إليه من أي مكان (ربما أتكلم عنه في تدوينة أخرى) ويمتاز اللابتوب بأنه أقل استهلاكاً للطاقة حيث أن مصدر الطاقة الخاص به قدرته القصوى هي ٩٠ واط، بينما اﻷجهزة المكتبية تكون قدرتها حوالي ٥٠٠ واط. كذلك فإن اللابتوب لا يُصدر صوت مزجع حينما يعمل، فهو يعمل في صمت، لذلك فهو مناسب لأن يعمل كمخدم منزلي. كذلك من التجارب العملية اﻷخرى هي أننا استفدنا من مخدمات قديمة وقمنا بتشغيلها في أغراض مختلفة وأثبتت نجاحها خلال عام، تتراوح من مخدمات ويب وأخرى لقواعد بيانات وأخرى لمخدمات برامج application servers وكان الهدف منها تشغيلها مؤقتاً إلى أن يتم شراء أجهزة ذات إمكانات أكبر، لكن وجدنا أن استخدامها لايزيد عن ١٠ في المائة في أغلب الوقت، مع أن عدد المستخدين للنظام كان كبيراً إلا أننا لا نستطيع القول أن هذه اﻷجهزة أقل من الحاجة المطلوبة، لذلك يُمكنها أن تعمل لسنوات طويلة.

العتادprocessor

الدوائر اﻹلكترونية المدمجة والمستخدمة في تصنيع اﻷجزاء المختلفة من عتاد الكمبيوتر هي من أنجح اﻹبتكارات ويُمكنها أن تعمل لفترة طويلة دون أن تتلف، أما اﻷجزاء المعرضة للتلف في أجهزة الحاسوب مثل الأقراص الصلبة المعتمدة على أجزاء متحركة في أكثر عُرضة للتلف، لكن النوع الجديد المُسمى  Solid State فهو لا يحتوي على أجزاء متحركة، إنما دوائر إلكترونية فقط، فهو بذلك عندما يُصبح متوفر، يمكنه أن يحل مشكلة تلف اﻷقراص الصلبة. والجزء اﻵخر اﻷكثر عُرضة  للتلف هو مصدر الطاقة power supply، إلا أنه غير مكلف خصوصاً للأجهزة المكتبية، ويمكن تنظيفه بين الفينة واﻷخرى بواسطة المنفاخ الكهربائي لطرد اﻷتربة التي يُمكن أن تتسبب في حدوث إلتماس كهربائي يتلف معه مصدر الطاقة.

خلاصة

يوجد عدد كبير من اﻷجهزة القديمة في المنازل وفي الشركات، وبدلاً من أن تصبح نفايات يصعب التخلص منها وينتج عنها تلوث بيئي كبير، يُمكن اﻹستفادة منها بإحدى هذه الطرق أو أي طرق جديدة والتقليل من عملية شراء اﻷجهزة المستمر في المؤسسات المختلفة.

ملحوظة

هذا الموضوع هو مشاركة في مسابقة التدوين الثانية

الكاتب: أبو إياس

مهندس برمجيات

3 رأي حول “إعادة تدوير الحواسيب القديمة”

  1. موضوع ممتاز جدا. يطرح حلولا لمشكلات مزمنة, خاصة فى ضوء ضعف الامكانيات أو محدوديتها. عرفت ناس لضعف الخبرة ابتاعت جهاز كامل جديد بسبب عيب معين لم يتمكن من اصلاحه أو لترقية كارت الشاشة مثلا.

  2. المشكلة الكبيرة تحدث في طلب المخدمات، للأسف أحياناً من يطلب مواصفات مخدم يكون شخص آخر غير الذي قام بتصميم البرنامج. في أحيان كثيرة أطلب أجهزة Desktop لتعمل كمخدم لنظام الحسابات أو نظام إرسال الرسائل، فيستغرب الزبون أن جهاز عادي يكفي واحياناً يكون قد وضع ميزانية لشراء مخدم غالي ذو أداء عالي في النهاية نستخدم منه فقط ١٪ من إمكاناته.

أضف تعليق