كثرة اﻹتصالات الهاتفية وكيفية التغلب عليها

57px-Mobile_Phone.svg

السلام عليكم ورحمة الله

كثرة اﻹتصالات الهاتفية التي ترد لشخص واحد هي ليست دليل على أن هذا الشخص مهم، على اﻷقل إن لم يكن هذا الشخص يعمل في مكتب لخدمات العملاء لمؤسسة، أو في المطافي أو اﻹسعاف، فإن وضع أنه يستقبل عدد كبير من الإتصالات في اليوم يُمكن أن يدل على اﻵتي:

  • أن هذا الشخص ناجح في توليد المشاكل، ويتصل به الناس ليُصلح ما أفسد
  • أن هذا الشخص لا يوفي بوعوده
  • أن هذا الشخص يتأخر عن اﻹجتماعات أو المواعيد التي يقطعها مع الناس
  • أنه قام بعمل ولم يُتقنه أو لم يكمله، وقام بتسليمه وهو ناقص
  • أنه يحب أن يعتمد عليه الناس، لذلك لا يأتي بحلول كاملة أو لايدع للناس مجال للإستغناء عنه
  • أنه يتهرب من بعض الناس
  • لا يستطيع قول كلمة “لا”
  • له عدد كبير من اﻷصدقاء المزعجين

آلية اﻹتصالات الهاتفية يُمكن أن تكون مزعجة، فهي مبنية على مفهوم المقاطعة (interrupt) وهي قطع العمل الذي تعمله أياً كان لتجيب. والمشكلة أن المتصل لايعرف ماهو وضع المستقبل، فيُمكن أن يكون نائم، أو مشغول، أو في إجتماع، أو يقود سيارة، أو يُصلي. وفي ذات مرة رأيت شخص أتاه إتصال أثناء إقامة الصلاة ليترك الصف ويخرج خارج المسجد ليُجيب على اﻹتصال. سمعت أيضاً قصة في العيد الماضي أن شخص كان يقود السيارة في سفر مع اسرته وورده إتصال بأن والدته قد توفت، وإنقطع اﻹتصال، ولم يسمعو عنه، وعندما بحثوا وجدوه ميت في حادث هو وأسرته.

اﻹزعاج يتعدى مستقبل المكالمة إلى من حوله فإذا كانوا في إجتماع فسوف يتأخر اﻹجتماع وينقطع بسبب أن المتصل لا يُثّمن وقت المجتمعين. فإستقبال مكالمات عندما تكون تتكلم مع أشخاص أو تستمع لهم هي عادة سيئة جداً تقلل من قدر من يفعلها في نظر جلسائه.

إذاً ماهو البديل؟

email

البديل هو استخدام أنواع أخرى من اﻹتصال لاتشترط أن يكون اﻹنسان متفرغ للرد، ولا تسبب مقاطعة لعمل المستقبل، وهذه الطريقة تُسمى بالـ off-line مثل الرسائل القصيرة والبريد اﻹلكتروني، أو أي وسيله أخرى مشابهة. تخيل مثلاً أنك تُريد أن تخبر شخص أن اﻹجتماع غداً الساعة التاسعة صباحاً وسوف نناقش فيها المشروع المسمى وهو يحتاج لثلاثة أشخاص منهم أنت وفلان وفلان. فإذا كانت المعلومة في شكل رسالة قصيرة فيستطيع المتلقى قرائتها في أي وقت مريح له في اليوم، والرسالة لا تضيح بمرور الوقت. كذلك البريد اﻹلكتروني، حيث يقرأه المستخدم في أريح اﻷوقات له، فلا يُعقل أن يتسبب ورود رسالة بريدية في أن يصحى الشخص من النوم، أو أن يترك الصلاة، أو أن يتسبب في حادث سير. طبعاً الأجهزة الذكية التي تُصر على تحويل البريد اﻹلكتروني إلى تنبيه مزعج ليس في الحساب هُنا، نفترض أن المستخدم عادي ولا يحب الإزعاج، حيث أن هُناك أشخاص يحبون أن يزعجهم الناس، ربما يكون عارض نفسي. لذلك نحن نتكلم عن إنسان سليم.

الفائدة الثانية للبدائل هي أن الرسالة تكون مكتوبة، يمكن للشخص أن يُراجعها. حيث يُمكن أن يكون محتوى الرسالة عدد من المعلومات المفتاحية مثل مكان اﻹجتماع، والزمان، والحضور، واﻷجندة. فإذا كان إتصال هاتفي، يمكن أن يضيع احد هذه المعلومات ولا يُمكن الحصول على تلك المعلومة مرة أخرى إلا بعمل إتصال مزعج آخر، أو عندما تذهب للإجتماع في الوقت المحدد لتجد أن المكان مختلف وأن المعلومة لم تتذكرها جيداً. أحياناً يقوم بعض اﻷشخاص بإملاء أرقام هاتف، أو أي أرقام قصيرة أو معلومة تحتاج لحفظ، ولا يكون لديك ورقة أو قلم، فتقوم بترديد هذا الرقم أو المعلومة في نهاية اﻹتصال عدة مرات، لكن هل تقول للمتصل مع السلامة، أم تقطع اﻹتصال مباشرة حتى لا تغيب تلك المعلومة وتكون كلمة مع السلامة هي آخر ماحفظته!

فائدة ثالثة للرسائل وهي إمكانية التفكير قبل الرد، ففي اﻹتصال الهاتفي أحياناً يُهاجمك الزبون أو المدير بعدد من اﻷسألة مثل، كيف ولماذا، ومتى يمكن أن.. ومارأيك في.. فيرد المتلقى برد سريع بدون تفكير، ويُمكن أن يلتزم بإلتزامات لايستطيع الوفاء بها لاحقاً. أما عندما تكون مكتوبة فيُمكن الرد بتروى عن كل سؤال أو استفسار. لكن من حسنات اﻹتصال الهاتفي هو أن اﻹلتزام بدون تفكير من هذا النوع يمكن أن ينساه المتصل، فلايستطيع محاسبتك أنك لم تفعل كذا وكذا، فليس لديه إثبات مكتوب يثبت طلبه أو يثبت موافقتك على هذا الطلب. فهو يكون كالكتابة على الرمل.

الفائدة الرابعة وهي تكون أكثر في البريد اﻹلكتروني وهي اﻹحتفاظ بالرسائل للرجوع إليها وقت الحاجة. فهي نوع من التوثيق. مثلاً طلب منك الزبون عدة طلبات خلال الشهر، فإذا كانت عن طريق الهاتف، فيمكن أنن تتذكرها ويمكن أن تنساها فتصبح هذه الخدمات التي قُمت بها مجانية، أما إذا كانت في البريد فيمكن إسترجاعها لتكوين رسالة أخرى فيها خلاصة الخدمات التي تمت خلال الشهر، لتحاسبه بها.

السؤال هو كيف تعرف أنك في وضع اﻹتصلات الهاتفية الغير عادية؟

يختلف هذا التعريف من شخص لآخر، بالنسبة لي استقبل أقل من خمس إتصالات يومياً، وأستقبل رسائل بريدية أكثر من إتصالات الهاتف، فإذا زاد عدد المكالمات عن هذا الحد أعرف أن هُناك مشكلة. يمكن أيضاً القياس بطريقة أخرى: أثناء الدوام اليومي في العمل إذا كانت هناك إتصالات عائلية فهذا غير طبيعي، وإذا كان هناك إتصالات بخصوص العمل في أوقات العائلة أو أوقات غير العمل واﻹجازات فهذا أيضاً يمكن أن يكون غير طبيعي ويحتاج لعلاج. لكن أسهل على المرء أن يحل المشكلة من بداياتها قبل أن تتفاقم.

لعلاج مشكلة اﻹتصالات الهاتفية يمكن أن تكون باﻵتي – وهذا حسب تجربتي الشخصية  للسيطرة على اﻹتصالات حتى لاتتعدى الحد الطبيعي- :

  • أن تبدأ بإستخدام الرسائل أكثر من اﻹتصالات الهاتفية
  • تُخبر الناس أنك تفضل الرسائل بكافة أنواعها على اﻹتصالات المباشرة
  • اكتب رسائل منسقة ومختصرة وواضحة
  • اكثر من استخدام اﻹمكانات المتوفر فقط الرسائل والبريد اﻹلكتروني، مثل إرسال صور ومستندات مع الرسائل، وروابط صفحات إنترنت، وقم بإضافة من يهمه اﻷمر في الرسالة
  • لا تؤخر الرد على الرسائل أكثر من يوم، حتى لا يظن المرسل أن هذه الوسيلة غير فعالة فيحاول اﻹتصال بك هاتفياً.
  • تعلم أن تقول للناس “لا”، مثل  لا أستطيع، لا يمكنني أن أفعل ذلك، لست متفرع، ليست لدي رغبة. فهو أفضل ألف مرة من التهرب منهم
  • اترك لنفسك متسعاً من الوقت لإنجاز العمل، فالعمل الذي يتطلب شهراً لاتحاول أن تنجزه في إسبوع، ولا توعد شخص بإنجازه في أقل من شهر.
  • إلتزم بمواعيدك، مثل مواعيد اﻹجتماعات مثلاً، فإذا وافقت على أن اﻹجتماع الساعة التاسعة صباحاً فليس هُناك عذر أن تحضر الساعة التاسعة وخمس دقائق.
  • اجعل من نفسك محل ثقة للناس، وكن قدوة، إذا وعدت فأصدق وعدك
  • حاول تكلمة المشاريع بقدر المستطاع، لاتترك ثغرة تربطت بهذا المشروع للأبد
  • إذا كُنت مدير فأوكل بعض مهامك وصلاحياتك لمن حولك، لا تحمل كل العمل فوق رأسك

3 رأي حول “كثرة اﻹتصالات الهاتفية وكيفية التغلب عليها

  1. أحيانا من كثرة الطلب علي تصيبني حالة هلع كلما سمعت رنة الهاتف و خاصة الجوال، لذلك أقوم بتغييرها، و ربما عدم الرد على الهاتف لمدة اسبوع.

  2. حالة الهلع هذه تحدث حتى لو كانت اﻹتصالات قليلة، خصوصاً إذا كان الوقت غير مُناسب، مثلاً بعد العشاء، فأول تفكير يكون أن هُناك شخص حدث له مكروه

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s