عش قمرية في المنزل

السلام عليكم ورحمة الله

الطيور والحشرات وكافة الحيوانات والنباتات منتشرة حولنا وهي مرتبطة بالإنسان وبيئته ومكمله لحياته لا يستغني عنها. ليس من الطبيعة أن تكون محجوزة في متنزهات خارج المُدن وسكن اﻹنسان أو في المزارع الريفية فقط، إنما حيثما عاش اﻹنسان تعيش معه تلك الكائنات، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم في بدايات سورة النحل: وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ‎﴿٥﴾‏ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ‎﴿٦﴾‏

منذ عدة أعوام لاحظت زوج من طيور القمري بنى عشاً بالقرب من الحمّام في فناء المنزل فوق أنبوب لكن مكان العش كان ضيقاً، فأحياناً أجد بيض مكسور ساقط في اﻷرض، وأحياناً يفقس لكن يطير الفرخ قبل أوانه لضيق المكان فتفترسه القطط وبعضها ينجو ويكبر ويطير. عندما بحثت في النت لغرض هذه المقالة وجدت عدة أنواع للقمري وتختلف تسميتها، لكن كلمة قمري قادني إلى نوع مختلف عن ما نُسميه في السودان، فوجدت النوع الذي أقصده أسمه في الويكبيديا العربية (فاختة النخيل) وفي النُسخة اﻹنجليزية (Laughing dove) وهو نوع من اليمام Dove أو الحمام Pigeon تختلف أنواعها وتتشابه لكنها تقع ضمن نفس الفصيلة. نرجو أن يخبرني من يقرأ هذه المقالة ويهتم بهذه التفاصيل عن تواجدها وتسميتها في بلادكم.

فكرت أكثر من مرة أن أبني لهم عش بديل أكثر سعة من العش الضيق، إلى أن حان وقت تنفيذ هذه الفكرة وجدت أن هذه المهمة المؤجلة شديدة السهولة حيث وجدت في المخزن قطعة بلاستيك أو فايبر قلاس مربعة صغيرة ثبتها بمسمارين في ركن قريب من العش اﻷول كما في الصورة أدناه ولم يلبث أيام إلا وبدأ زوج من القمري بناء عش فيه ثم وضع البيض إلى أن فقس وكبرت الفروخ وطارت، ثم باضت مرة أخرى وفقست وطارت الفروخ وكل مرة نحن نرى هذا اﻹنتاج المستمر:

وفي أحد اﻷيام طار الفرخ الكبير فوجدته قد افترسته القطة، وقد عرفت ذلك بالريش المنثور في مزرعة الفناء ووجدت والدا هذا الفرخ يقفان قرب المزرعة ينظران إلى الريش في منظر غريب تعجبت منه، لكن الفرخ اﻵخر اﻷصغر نجا، فأصبح يبيت في شجرة نمت في الفناء من بذرة ساقتها الريح فأصبحت شجرة كبيرة تؤوي تلك الطيور وتقيها من القطط، ومكث ذلك الفرخ يطير كل يوم من الشجرة إلى أسقف الغرف والجدران والدرج إلى أن غادر البيت:

منذ فترة لم ألحظ وجود قمرية في العش، وقبل كتابة هذه التدوينة أحضرت السلم لأرى ماذا في العش، لكن مكان العش مرتفع فلم أستطع الرؤية، فرفعت الهاتف لأخذ صورة و فوجئت بوجود فرخين صغيرين فأنزلتهما لأخذ لهما صورة ثم أرجعتهما إلى العش:

في الحقيقة وجود مثل هذه الحياة الفطرية في البيت له أثر علينا كبير يُشعرنا أن هُناك أشياء أخرى تدور حولنا بدلاً من رتابة العيش وتسابق الناس وما يحيط بالعالم من أشياء كبيرة وحروب وكوارث وشيكة كأنما يقولون أن غداً ينتهي العالم، ومدى جديتهم وتعقيد حياتهم التي يعيشونها، فننسى كل هذا مع هذه الطبيعة البسيطة ويكون لنا نظرة مختلفة في عالم جديد متغيّر وقابل للاستكشاف لا يعرفه ولم يستمتع به كثير من الناس.

الكاتب: أبو إياس

مهندس برمجيات

9 رأي حول “عش قمرية في المنزل”

  1. نحن نسميها حمامة جالية يعني برية،تضع أعشاشها فوق أشجار الزيتون و الفستق… في العادة لا تعشش في المنازل عكس الحمام الأبيض و الأزرق الذي يسهل إستىناسه وتربيته…فعلا هناك حيوات تدور بالتوازي مع حياتنا اليومية

    1. وعندنا كذلك غير مستأنسة إلا أنها بطيئة الحركة ولا تخاف الناس، لا تطير إلا عندما تقترب منها كثيراً، لذلك تفترسها القطط والكلاب بسهولة

  2. هذا الجنس من الطيور به أنواع كثيرة تعيش في مناطق متنوعة ويفضل القرب من البشر لتوفر الغذاء, أسماءه كثيرة حسب البلدان منها اليمام، الدرغل، القميري, في الجزائر نسميه اليمام و الير,
    دخل أخيرا إلى الجزائر النوع التركي – ربما سافر على السفن- فبدأ النوع المحلي في الاختفاء لأن النوع التركي أكثر جرأة و أكبر حجما كما أن صوته مزعج,

  3. هذه تدوينة نابضة، والصور مشرقة إلى حد يغذي البصر. أريد أن أربي حمامًا والله، لكن ليس عندي أي معلومات عنها وعن تربيتها وكيف سأقوم بذلك أصلًا!
    شكرًا لهذه الجولة الجميلة حقًا🌸

    1. الحمام الداجن سهل التربية، لأنه يُحبس في القفص إلى أن يبيض ثم يُطلق فيطير ويرجع ويألف عشه ولا يفارقه.
      لدي قصة طريفة عن حمامة أعطني إياها والدة جدتي عندما كُنت في الثانوي، فقصصت جزء من ريش جناحها كي لا تطير، لكن بعد فترة خرجت من القفص وضاعت، وكان بيت والدة جدتي يبعد عنا حوالي كيلومترين، فوجدناها في بيت والدة جدتي بعد يوم أو يومين، رجعت بأرجلها إلى هُناك. ثم أرجعتها للقفص مرة أخرى وبعد أن نبت ريش جناحها مرة أخرى أطلقتها فطارت مباشرة إلى بيت جدتي، فأرجعناها مرة أخرى، وبعد أن باضت وفقست لم تغادر مرة أخرى أصبحت تطير وترجع لعشها وفراخها

  4. استمتعت بالقراءة، شكرًا على هذه التدوينة.

    // بالمناسبة عندنا نقول عن هذا النوع يمامة أو زغلول، وهي كما قال الأخ رياض تعيش على أشجار الزيتون بجانب البيت. الغريب أنها لم تعد تبني أعشاش على تلك الأشجار منذ زمن!

أضف تعليق