تجربتنا في استخدام الطاقة الشمسية بعد انقطاع الكهرباء

السلام عليكم ورحمة الله وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم وأعاد الله علينا عيد اﻷضحى سالمين معافين آمنين، ورزقنا زيارة لبيته الحرام ومسجد نبيه في حج أو عمرة، وهو على كل شيء قدير.

كانت لدينا تجربة تستحق الذكر في استخدام الطاقة الشمسية لمدة إسبوعين بعد انقطاع تام للتيار الكهربائي العام في منطقتنا بسبب الحرب في الخرطوم، ونظام الطاقة الشمسية هذا ليس في بيتنا إنما مثبت في بيت اﻷسرة الكبير الذي يقع جوارنا، فبعد مغادرة اﻷسرة الكبيرة البيت قبلنا بإسبوعين أصبحنا نحن من ندير تلك المنظومة الصغيرة للطاقة الشمسية، وكانت تجربة جميلة جداً وكانت هي أحد أسباب بقائنا في البيت في ظل تلك اﻷوضاع، أو على اﻷقل جعلتنا نمدد بقائنا أيام الحرب في الخرطوم.

المنظومة مكونة من أربع ألواح شمسية مثبتة في الطابق العلوي، وبطاريتين و جهاز Inverter الذي يحول التيار المستمر DC الذي تنتجه الخلايا الشمسية إلى تيار متردد AC مناسب مع اﻷجهزة المستهلكة وشبكة كهرباء المنزل، كذلك فإن هذا الجهاز ينظم عملية الشحن للبطاريات واستخدام طاقة البطاريات في حال النقص في أشعة الشمس، ومع أن البطاريات لم تكن مناسبة لهذا التطبيق ووصلت نهاية عمرها الافتراضي وأصبحت لا تحتفظ إلا بطاقة محدودة، لكن مع ذلك أدت تلك المنظومة عملها بأفضل ما يمكن أثناء النهار. البطاريات المثبتة هي من نوع بطاريات السيارة الرصاصية Lead Acid وهي ذات عمر قصير وغير مناسبة للتفريغ العميق deep cycle حيث أن هذا التفريغ يقلل من عمرها الخدمي، لذلك لابد من استخدام بطاريات من نوع التفريغ العميق deep cycle battery عند التفكير في شراء منظومة طاقة شمسية، مثل بطاريات الكربون والتي تعيش فترة أطول.

يبدأ استخدامنا لهذه المنظومة بعد شروق الشمس بفترة ساعة تقريباً عند الساعة السادسة صباحاً، ولدينا مؤشران في الجهاز المتحكم، التيار ِ Ampere و فرق الجهد Voltage حيث أن التيار يبدأ برقم أقل من واحد أمبير، ثم يزيد مع ارتفاع الشمس، وكان لدي برنامج يعرض درجة ارتفاع الشمس في الموبايل اسمه Sun postion حيث تبدأ الشمس الشروق بدرجة صفر وترتفع إلى منصف النهار بدرجة أقل من 90 حسب الفصل، ثم تبدأ بالتناقص حتى تصل إلى صفر وقت المغرب ثم تكون درجتها بالسالب، واستخدم هذا البرنامج لمعرفة أوقات الصلاة، كل الصلوات يمكن قياسها بهذا البرنامج خصوصاً في السفر، فوقت الصلاة مربوط بدرجة ميلان الشمس في الفلك.

العلاقة بين الأمبير ودرجة الشمس أن اﻷمير = درجة الشمس مقسومة على 4 أو 5 فإذا كانت الشمس في درجة عشرة يكون اﻷمبير الصادر من الخلايا الشمسية 2.5 أمبير تقريباً، وهذا مرتبط بأن عددها 4 خلايا ذات مقاس معين، تختلف هذه المعادلة إذا زادت عدد الخلايا أو زادت مساحة الواحدة منها أو حتى زادت جودتها، أو تغيرت درجة ميلانها المثبتة فيه، وسوف أتكلم عن هذه الزاوية لاحقاً في هذه المقالة بإذن الله.

القدرة في ذروتها أثناء الظهيرة

كنا ننتظر السادسة صباحاً وهو وقت بعيد بعد شروق الشمس، و هذا وقت طويل بدون كهرباء. نحسب القدرة الصادرة بضرب التيار في الفولتية لتعطينا القدرة حسب المعادلة المعروفة:

Power (Watt) = Ampere (A) * Voltage (V)

مثلاً 3 أمبير * 24 فولت = 72 واط، ثم نبدأ بتوصيل أجهزة قليلة استهلاك الطاقة مثل الموبايل، ثم اللابتوب عندما تصل القدرة 100 واط، ثم التلفاز ثم المراوح وآخرها براد الماء عندما تفوق القدرة المُنتجة 300 واط، وعند انتصاف الشمس تصل إلى 700 واط، وهي القدرة القصوى لهذه المنظومة، أو على اﻷقل قدرتها مع بطاريات في نهاية عمرها.ثم تتناقص الطاقة عند العصر فنبدأ باﻹغلاق العكسي للأجهزة، وكان هذا أفضل درس لتوفير الطاقة الكهربائية ومعرفة كل جهاز كم يستهلك من الطاقة.

أثناء تلك الفترة كان إحساسنا جميل جداً في أننا منتجين للكهرباء التي نستخدمها بطريقة نظيفة واﻷهم من ذلك أنها متجددة، وفكرنا أنها من المشروعات والاستثمارات الناجحة التي يجب أن يكون هُناك تشجيع لاستخدامها، المشكلة أن سعرها غالي، وتتطلب إدارة لتشغيلها، انشغلنا بها كثيراً أثناء اليوم خصوصاً أن الاستهلاك مساوي للإنتاج، لذلك كنا في تشغيل وإغلاق للأجهزة حسب ما يظهر لنا من قيمة التيار أثناء اليوم.

أحد مشاكلها أنها مرتبطة بارتفاع الشمس حتى تنتج قدرة عالية، لذلك في الصباح ووقت العصر تكون في قلتها، ففكرت أنه كان من اﻷفضل توصيل ألواح إضافية تميل إلى الشرق لزيادة التعامد على الشمس وقت الصباح، ولوح آخر يميل إلى الغرب لزيادة التعامد على الشمس وقت الغروب، واﻷفضل من هذا كله المنظومة التي تحتوي على موتورات تُدير الخلايا مع حركة الشمس لتكون متعامدة معها طيلة النهار.

الخلايا الشمسية تدوم فترة من 25 إلى 30 عاماً -حسب ما قرأت- وهي في تحسن و انخفاض للأسعار مستمر، لكن المشكلة هي البطاريات التي لا تعيش كثيراً، لكنها كذلك في تحسين. أتمنى أن استطيع تحمل تكلفة تركيبها في يوم ما، فهي هواية لي منذ الصغر. ما زلت أتذكر في الصف السادس أو اﻷول متوسط عرض لنا أستاذ العلوم مروحة صغيرة تعمل بالطاقة الشمسية، ثم وضعها في النافذة وواصل الحصة، فمكثت أنظهر لها وهي تدور وما زلت أتذكر هذه القصة التي حدثت قبل أكثر من خمس وثلاثين عاماً.