استراحة مبرمج (2)

السلام عليكم ورحمة الله.

بعد اﻹجازة الماضية والتي سافرت فيها بداية عام 2011 لم تُتح لي الفرصة للسفر مرة أخرى داخل السودان. لكن يوم الجمعة الماضية اتيحت لي الفرصة لحضور زواج زميل لنا من أيام الجامعة، في قرية تبعد عن الخرطوم 300 كلم جنوباً، أقرب إلى سنار، وكانت فرصة لا تعّوض نسبة للإنشغال ومداومة العمل الحرلمحاولة التأسيس والتضحية بأي وقت للراحة  طوال هذه الفترة. التعب الجسدي الذي يحدث عن السفر ينتج عنه راحة نفسية حيث أن اﻹنسان ينشغل بأشياء أخرى تنسيه همومه وهموم العمل. والراحة النفسية ينتج عنها في النهاية راحة للجسد الذي تتعبه الحياة الرتيبة.

سافرنا بسيارة زميلنا، مع اني اصبحت لا احبذ السفر بسيارة صغيرة لمثل هذه المسافة الطويلة والطرق غير جيدة، اﻷفضل منها السفر عن طريق البص باعتباره اكثر أماناً. لكن ميزة السفر بالسيارة هي إمكانية التوقف في أي منطقة والتجوال داخل القرية بحرية. استخدمنا تقنيات لأول مرة في السفر مثل الإعتماد على الـ GPS وخرائط قوقل في معرفة الطريق للوصول إلى تلك القرية، حيث أن نهاية الطريق غير مُعبدة، فكانت مُغامرة لا تُنسى. كذلك كانت مسابقة للزمن لمحاولة حضور صلاة الجمعة وحضور عقد القران، وفي نفس الوقت يوجد رادار في الطريق المحدد سرعته ب 90 كلم في الساعة. ولم نستطع المحافظة على تلك السرعة حيت تجاوزناها قليلاً فكان نصيبنا أن تم توقيفنا وتحرير مخالفة مرورية لنا.

road

إبتداءً من ولاية الجزيرة التي مررنا بها فإن طبيعة اﻷرض والنباتات تتغير، حيث أنها منطقة شبه مدارية تختلف عن الخرطوم التي اصبحت صحراوية، فتكثر فيها الخضرة، وكلما اتجهنا جنوباً كلما زادت الخضرة ويمر الطريق بمحاذاة مجرى النيل ويتخلله أودية تصب في نهر النيل وقنوات للري تُسمى في السودان بالترعة. كل هذه المساحات الشاسعة والمساحات الزراعية والأفق يجعل الشخص ينسى ضيق المدن وازدحام المرور وأدخنة عوادم السيارات.

banana

القرية التي وصلنا إليها اسمها ديم المشايخة، وهي قرية بسيطة بالقرب من النيل تعتمد على الزراعة والرعي، وتتميز بيوتها بمساحاتها الكبيرة بما يُسمى الحوش، حيث تزيد مساحة البيوت احياناً عن الألف متر مربع، معظمها تكون فارغة ، واحياناً تكون بها أشجار، مثل هذه الصورة المأخوذة من داخل البيت:

yard

لم نلحق بصلاة الجمعة ولا عقد القران، وصلنا مع نهاية العقد وباركنا للعريس، لكن حضرنا الوليمة. بعدها ارتحنا قليلاً من تعب السفر ثم توجهنا إلى مزرعة كبيرة بها أشجار مانجو

mangomango2myphoto

المزرعة مترامية اﻷطراف، طفنا في جزء كبير منها، ووجدنا عدد من اﻷشجار المختلفة، مثل شجر الليمون وشجر السدر. النيل اﻷزرق كان يبعد من المزرعة بمسافة طويلة حاولنا المشي إليه لكن وجدنا عدد من الكلاب التي تنبح فخفنا منها، مع أن الدليل قال لنا أنها سوف تنبح  فقط، لكن لم يتجرأ احد ليتحقق من هذه المعلومة.

sedr

وجدنا بعض ثمار المانجو ساقطة في اﻷرض قام بأكلها قرد، حاولنا تتبع أثره لتصوريه لكنه كان يقفز من شجرة إلى شجرة، وكانت اﻷشجار عالية جداً عمرها أكثر من خمسين عام حسب ماقاله لنا الدليل

mango-frout

اهم ما يُميز سُكان اﻷقاليم هي الطيبة وحسن الضيافة، وتتميز مأكولاتهم ومشروباتهم بأنها طبيعية لها طعم مختلف، شربنا كفايتنا من الحليب الطبيعي كامل الدسم مع الشاي

milk

الحياة البدائية مع أنها تحتاج لتعود إلا أن لها طعم خاص، فالماء لا يتوفر في حنفيات كما في المُدن، واﻷرضية داخل البيوت كلها ترابية، واﻹنارة محدودة في الليل، لكن الهواء عليل والسماء صافية وليس هُناك ضوضاء أو إزعاج.

morning

رحلة العودة في الصباح كانت ممتعة أيضاً، ولم نكن في عُجالة، وكانت في الصباح الباكر

off-road

مررنا بطريق مختلف، وهو طريق يمر بمدينة مدني الجميلة

medani

بعدها توقنا في مدينة الكاملين للفطور. تتميز المطاعم في قرى السودان باعتمادها على اللحوم في الوجبات بشكل كبير، واﻷكل في السفر من اﻷشياء التي لا تُنسى ايضاً.

dinner

التقطنا عدد كبير من الصور لتكون تذكار لهذه الرحلة التي لا تُنسى، واتمنى أن احظى برحلة مثلها في السنوات المقبلة بإذن الله.

أود أن اضيف أن هذا السفركلفني حوالي 27 دولار فقط، وكنا ثلاثة، أي التكلفة الكلية كانت حوالي 80 دولار فقط لذكريات رائعة.

الكاتب: أبو إياس

مهندس برمجيات

رأيان حول “استراحة مبرمج (2)”

  1. لا ضوضاء لا إزعاج، هذا هي نقطة التغيير.
    هنا نأكل المانجو غير طازج، نسميه “عنبا حامض” لذيذ جدًا.
    بالفعل لذكريات جميلة، رحلة رائعة👌

أضف تعليق